د. عبدالله أحمد حامد
تتساءل حين ترى وهج الإيجابية، وسيماء الحب التي تشعر بها من خلال لقاء بعض الشخصيات التي تقابلها، وتجيبك وهلة برامج البرمجة العصبية ومرشدو العلاقات الاجتماعية والحياة النفسية السعيدة بأن لقاء ومسايرة الإيجابيين المقبلين على الحياة، المتصالحين مع الواقع، والمتفائلين بالمستقبل على درجة كبيرة من الأهمية في الاستمتاع بالحياة، والتخلص من عوارضها المزعجة، وسيقول لك المثل العسيري الموجز الدال: «المطلق تراحيبه تغدي» أي أن لقاء الكريم، وسماع كلماته المرحبة، غذاء نفسي وجسدي، وسيفسر لك الحديث الشريف كل ذلك حين يربطه بخاصية ربانية قدرية تتعلق بمنحة القبول التي يضعها الله لبعض عباده، حين يحبه الله، وينادي جبريل أهل السماء بأن الله يحب فلانا فأحبوه، ثم يوضع له القبول في الأرض.
وما أراه وأعلمه أن الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي ممن يحسبه كثير من عارفيه من هذه الفئة، وليس ذلك تأليا على الله عز وجل في علاه، بل هو تفسير لكل هذا الحب الذي يتعامل به «أبو بدر» مع من عرف ومن لم يعرف! وتأكيد على حاجتنا لتملي هذا الخصلة الجميلة التي نراها ونتعامل معها، ونقتبس من نبلها، وأدبها.
حين أرى «أبا بدر»، وهو يستقبل محبيه من عارفيه، وغيرهم، وأسمع جميل كلماته، ورقي عباراته، استحضر بيت «زهير بن أبي سلمى» الذي أجاد، وأفاد، واختصر كثيرا من التوصيفات، والتشبيهات حين قال:
تراه إذا ما جئته متهللا
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
وقطعا فأنت مضطر إلى أن تساءل اللغة، ومنطقها، واختياراتها، وأن تطيل التفكير في الحالة «البدرية» التي يكنى بها «أبا بدر»، ويقدمها لك «المتنبي» في حالة من التخاطر، والتشاكل، حين قال:
كالبدر من حيث التفت رأيته
يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا
ستعجب، وستأنس أيضا بالتوافق، والتكامل، والتواصل بين اللغة الإبداعية، ونبلها وعظمتها في توليف ما تباعد من أزمان «البدريين»، وتناغم في صفاتهم، وأخلاقهم، وستوقن أن الكلمة الطيبة، والوجه الطلق، والشعور النبيل هي من علامات المحبة التي يبعثها بعض البشر إلى قلوب الناس، لتعود عليهم -كما انطلقت منهم أول مرة- حبا ووفاء وتقديرا..
«شكرا» وهي لا تكفي لنادينا العريق «نادي جدة الأدبي الثقافي» الذي وفق توفيقا مجمعا عليه حين اختار الحقيق الجدير الأستاذ «حمد القاضي» ليكون مكرمه في ملتقاه الثامن عشر، وهو عام فتوة وشباب هذا الملتقى الذي تعودناه متجددا متوهجا مع إدارة حريصة، مفعمة بالنشاط، والعمق والتجدد.
وسأجزم -مختتما- بالتأكيد على أن وجود «حمد القاضي» وأمثاله بيننا هو نعمة من النعم الكبيرة التي يعيننا بها الله عز وجل على النظر إلى واقعنا بنظرة فيها كثير من التفاؤل، والأمل، وتذكرة لنا بأن الحب طريقة حياة، ومنهج تعامل، تحتاج منا فقط إلى أن نرهف أسماعنا، وأبصارنا، وكل أحاسيسنا لهؤلاء الذين يعيشون بيننا مختصرين كثيرا من المواعظ الدينية، والنظريات النفسية، والدورات الاجتماعية الإرشادية؛ فهم بتعاملهم «جهينة» وخبرها الصادق الحاسم الذي ينهي الجدل، ويبعث الأمل...