رقية سليمان الهويريني
برغم طمأنة الحكومة مواطنيها بتوفر جميع المواد الاستهلاكية من الغذاء إلا أن حالة من الخوف غير المبررة التي رافقت نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا تدعونا لإعادة النظر حول استيراد المواد الغذائية ومنها القمح على وجه الخصوص.
ومن المؤكد أن حكومة خادم الحرمين الشريفين قد استعدت لذلك وتنبهت له قبل حلول الأزمة من خلال إقرار المقام السامي لبرنامج زراعي متكامل يتضمن إحياء هذه المهنة الجليلة التي قُتلت لسببين، أحدهما: طفرة اقتصادية مؤقتة وثانيهما ندرة المياه التي جارت عليها سياسات زراعية سابقة فتركها المواطن لتضطر الحكومة للاستيراد.
وأزعم أنه ليس حلما توفر منتج زراعي محلي بجودة ورقابة نوعية صارمة ضد المبيدات والتخزين، وكف عبث بعض الوافدين، وإبعاد السماسرة الانتهازيين الذين لا يعنيهم إلا المردود المادي وقتل أحلام الفلاحين، حيث يعود المواطن لزراعة أرضه في المناطق الريفية بتقنيات وأساليب حديثة.
إن الواقع الذي نعيشه يحتم أن يكون غذاؤنا من نتاج أرضنا وعرق أبنائنا، وفي ذلك مصالح عدة منها توطين المهنة، والحد من الزحف للمدن، وتطوير المناطق الريفية، وإعادة النسيج الاجتماعي لوضعه الطبيعي وما يحكمه من علاقات بين الفلاحين وتعاون مشترك وتصالح بينهم، إلى جانب تعزيز الأمن الغذائي والحفاظ على الموارد الطبيعية.
ولتحقيق ذلك يحسن بوزارة الزراعة والمياه والبيئة السعي لإنجاح هذا البرنامج من خلال إرساء التنمية الزراعية المستدامة وما تشمله من تحسين ورفع دخل صغار المزارعين ومربي المواشي، ورفع القيمة الاقتصادية للقطاع الزراعي، وإيجاد فرص عمل للشباب السعودي في المناطق الريفية، وإنشاء جمعيات زراعية لتسويق منتجات المزارعين مباشرة دون وسيط، وهو ما سيسهم في الأمن الغذائي.
وأرجو أن يكون تحقيق ذلك إستراتيجية دائمة ومستمرة، وهو ما يعني إيجاد طرق للاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية الزراعية المتاحة، وتحقيق كفاءة استخدام المياه بالاستفادة من مياه السدود واللجوء لتنقية مياه الصرف الصحي كأحد الحلول لمشكلة شح المياه، ومساعدة المزارعين باختيار البذور المناسبة، وتنويع السلة الغذائية بما يتناسب مع التعدد المناخي لمناطق المملكة.
وكي نحقق الاكتفاء الذاتي؛ ينبغي أن يكون ذلك هاجسا حكوميا ومشاركة اجتماعية طالما منح الله بلادنا تنوعا مناخيا وقوة اقتصادية.