كتب - عبدالعزيز الهدلق:
كان الهلال بحاجة إلى تحقيق انتصار كبير وساحق لا ليثبت قوته، فهذه معروفة للقاصي والداني، ولكن ليخرس ألسن الصغار التي تطاولت وتجاوزت معه كل حدود الأدب مع الكبار.
وكل ما تم قوله من عبارات مسيئة بعد خسارة الهلال من الأهلي المصري، أعيدت لهم ممهورة بعبارة «وإن عدتم عدنا»!
لقد أبدع نجوم الهلال وتألقوا ونثروا لآلئ فنّهم الكروي في كل زوايا ملعب الجامعة، وارتقوا بسمعة الكرة السعودية أمام من كان يتابع المواجهة من خارج حدود الوطن.
دياز
فبعد أربعة أعوام من الغياب عاد رامون دياز لتدريب الهلال، ولم يكن هذا الأرجنتيني بحاجة إلى وقت أو مباريات ليظهر تأثيره الفني وتتضح بصمته على الفريق. فمن أول مباراة انقلب حال الهلال، ونهض من كبوته الفنية، وكانت آخر مباراة للفريق مع مدربه السابق جارديم أمام الباطن وانتهت بالتعادل، وبعد حضور دياز كسب الشباب وصيف المتصدر 5 /0، ثم الحزم 2 /0، ثم النصر 4 /0 وقبلها 1/2 .
فالمدرب الناجح والقدير عندما يتولى الإشراف الفني على فريق مكتمل عناصرياً وناضج فنياً لا يتخبط به يمنة ويسرة ويحاول فرض أساليب وقناعات تدخله في متاهات فنية، وعندما يتضح له سوء طريقه لا يعدل مساره بل يصر بعناد ومكابرة على مواصلة العمل بالفكر العكسي نفسه لمصلحة فتجد الإدارة أنها مجبرة على إبعاده بعد فترة دعم غير قصيرة لم يستثمرها بذكاء، وذلك ما كان عليه المدرب السابق جارديم.
والشيء اللافت بعد عودة دياز لتدريب الهلال التغير الكبير في أداء نجوم الهلال، وبالذات الأجانب كويلار، وكاريلو وبيريرا، الذين اتضح مقدار الارتياح الذي وجدوه مع دياز فعادت طاقاتهم لتتفجر من جديد. بعد أن كانت بعض الجماهير تطالب بتغييرهم لتراجع مستوياتهم وضعف عطائهم ومردودهم الفني. أما فقد تجلوا وتألقوا وأصبح أداؤهم ليس مثمراً فحسب ولكنه ممتع وطربي وله شجن.
حديقة الهلال وانتصارات الحسم ...
ثلاثة انتصارات حققها كبير آسيا هذا الموسم على النصر في ملعبه بالجامعة، وكانت انتصارات نوعية وتاريخية في نتائجها ومناسباتها. فمن الفوز في نصف نهائي كأس آسيا، إلى ربع نهائي كأس الملك، إلى منعطف المنافسة على بطولة الدوري. وأكد الهلاليون أن ملعب الجامعة الذي كان إلى وقت قريب معقلهم «محيط الرعب» هو ميدانهم الجميل الذي طالما احتفلوا فيه بانتصارات عظيمة، وتوجوا فيه ببطولات وإنجازات تاريخية لا تُنسى. وإذا كان الملعب لأسباب تجارية قد خرج من حوزة الهلال فإنه بقي تحت سيطرتهم الكروية، «ركزوا» فيه انتصارات للتاريخ، سيبقى الزمن شاهداً على تفوقهم وعلو كعبهم.
الدوري بعيد المنال ...
قد يكون الفوز ببطولة الدوري بالنسبة للهلال صعباً في هذه المرحلة بعد أن فرّط في كثير من جولاته مع مدربه السابق بنقاط عديدة، أبعدته عن المنافسة وأخرت مركزه في سلم الترتيب، ومع ذلك ما زال الأمل قائماً بحساب الأرقام. وستكون مباراة الثلاثاء القادم أمام الاتحاد المتصدر هي منعطف البطولة، فإن فاز الهلال تجدد أمله وازداد تطلعه للمنافسة على الصدارة ومزاحمة العميد. وإن تمكن الاتحاد من الفوز أو حتى التعادل فسيكون قد حسم اللقب مبكراً، وهو جدير به، وحقيق بأن يكون بطلاً لهذا الدوري بما قدمه من أداء وعطاء، وبما أنجزته إدارته من عمل عظيم تستحق أن تنال عليه منجزاً ينصفها، ويسعد المدرج الكبير لجماهير العميد الذين يستحقون الفرحة، والاحتفاء بفريقهم البطل.
يعلم كل ذي لب مقدار الفارق الفني والعناصري بين الهلال والنصر، ولكن في المعسكر النصراوي ومن انضم إليه من المؤلفة قلوبهم كروياً من عاند وكابر، وضلل المدرج الأصفر بأن فريقهم هو الأقوى، وأنه يضم العناصر الأفضل، وكانت هذه الآراء المضللة تسيطر على الأجواء النصراوية وأوهمت المدرج أن فريقهم بالفعل أقوى وعناصره أفضل، فكان بعدما يتلقى الخسارة من الهلال يذهب به المضللون لزوايا بعيدة عن الحقيقة متهمين التحكيم، ومسممين أذهانهم بفكر المؤامرات، فكانت الخسارة تعود من جديد، والمضللون مستمرون في قيادة المدرج نحو الفكر التآمري، وأن انتصارات الهلال ليست بفعل فارق فني وتفوق عناصري، ثم تعود الخسارة من جديد، وجاءت هذه المرة أكثر إيلاماً ليصحو الغافل من غفلته، وينتفض ضد المضللين، الذي أوهموه بكذبهم وتدليسهم أن فريقهم هو الأقوى والأفضل، فتبدأ المطالبات بالتعاقدات، والمناشدات بالاستقالات، وتبدأ حملات
كشف المضللين وفضح المدلسين..
في حين كان صوت التضليل هو الطاغي في الأجواء الصفراء، كانت إدارة النصر تسير في اتجاه آخر وهو محاولة تجسير الفجوة الفنية مع الهلال من خلال أدوات قد تنجح من باب لعل وعسى، فقبل مباراة ربع نهائي كأس الملك استقطبت الإدارة اخصائياً نفسياً للاجتماع باللاعبين وتحفيزهم لمواجهة الهلال، وتحصينهم نفسياً من توترات المواجهة وقلق المقابلة. ولكن هذه الأداة فشلت وخسر الفريق، وخرج من الكأس، في حين ماكينات التضليل تضخ دعاياتها في كل اتجاه، وقبل مباراة الدوري الأخيرة رصدت الإدارة مبلغاً للفوز يعطى لكل لاعب مقدارة (100) ألف ريال، وهو مبلغ قياسي لمباراة دورية محصلتها ثلاث نقاط فقط. ومع ذلك خطت الإدارة النصراوية هذه الخطوة لعل وعسى يخرج الفريق من أزمة مواجهاته مع الهلال. فحدث ما حدث وخسر الفريق للمرة الثالثة على التوالي. فكان لزاماً على المدرج بكامل فئاته أن يصل إلى قناعة موحدة بأن الهلال هو الأقوى والأفضل، وأن لا مجال لمجاراته أو التغلب عليه إلا بالأسلوب نفسع الذي يتبعه الهلال، وهو العمل فقط، والتوقف عن ركوب موجات التضليل وفكر المؤامرات الذي لم يجلب سوى الخيبة والانكسار.
وهم أفضل محليين..
ضمن الأوهام التي روَّج لها بعض المضللين ولقيت قبولاً لدى النصراويين أن فريقهم يملك أفضل مجموعة لاعبين محليين في الدوري. وقد انكشف هذا الوهم أمام واقع غياب الظهير الأيمن الغنام للإصابة، حيث احتار المدرب في ايجاد البديل، واضطر لأن يشرك لاعباً في غير مركزه تسبب في إضعاف خط الدفاع الضعيف أصلاً ولم يستطع مواجهة الشلال الهجومي الأزرق فتلقى مرماه أربعة أهداف مع الرأفة.
خسارة المجموعة الأجنبية القوية..
في موسم 2019 كان الفريق النصراوي يمتلك مجموعة أجنبية فذة من الصعب أن تجتمع في فريق واحد ساهمت في صناعة فارق فني كبير، بقيادة الثنائي المغربي أمرابط وحمدالله، والثنائي البرازيلي جوليانو وبيتروس وخلفهم الأسترالي جونز. ولكن هذه المجموعة تم تفكيكها بشكل غير غريب وتسريح عناصرها واحداً تلو الآخر فخسر النصر قوة رهيبة افقدت الفريق هيبته وشخصيته التي كانت بارزة في مواسم ماضية. وزاد من سوء أجانب الفريق هذا الموسم إدخال الإدارة لهم في مشاحنات ومناكفات إعلامية وجماهيرية أخرجتهم عن الملعب، وأفقدتهم التركيز المطلوب، فلم يستطيعوا خدمة الفريق كما يجب. وبلغ تحريك الإدارة للاعبين الأجانب إلى درجة توجيههم إلى ما يجب أن يقولوه من تصريحات بعد المباريات.
ويبدو أن الخلفية الإعلامية لرئيس النادي قد جعلته يقحم نجوم الفريق في مماحكات واستفزازات مع الأندية الأخرى لتحقيق مكاسب إعلامية وجماهيرية فقط. وهذا ما أبعدهم تماماً عن الملعب الذي تم التعاقد معهم من أجل العطاء فيه.
سقوط أعذار التحكيم
ومبررات المكاتب..
بعد الرباعية الأخيرة لم يكن المدرج النصراوي على استعداد لسماع مبررات تستخف بعقله وتقلل من قيمة فكره وتذهب للتحكيم والمكاتب والمؤامرات، فقد اتجه الجمهور مباشرة بعد المباراة لتحميل الإدارة واللاعبين مسؤولية ما حدث. ولم يسمحوا لأهل التضليل والتدليس لممارسة بيع الوهم عليهم. لذلك صمت أولئك خجلاً من أنفسهم بعد أن ظهر المدرج أكثر وعياً منهم.