عثمان بن حمد أباالخيل
الناس من حولك ينفرون من الفظاظة والخشونة ويألفون الرقة والدماثة واللطف في الحديث روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه»، أخرجه مسلم. ليس لدينا شك في أن التلطف في الحديث يفعل أكثر مما يفعل العنف، كما أن اللين والرفق في الكلام يلين القلوب القاسية والكلام القاسي أو شديد اللهجة يقسّي القلوب التي أنعم من الحرير. الكلمة الطيبة يحتاجها الطفل والطالب والأب والأم، كما يحتاجها الموظّف والمدير والمسؤول والمعلم والمعلمة والغني والفقير ليس لها حدود بشرية ولا مكان ولا زمان فهي في كل الأوقات والمناسبات. قال لقمان الحكيم: إن من الكلام ما هو أشد من الحجر وأنفذ من وخز الإبر وأمر من الصبر، وأحر من الجمر، وإن من القلوب مزارع فازرع فيها الكلمة الطيبة فإن لم تنبت كلها ينبت بعضها. أطباء القلب يعرفون علّة بعض مرضاهم ألا وهو الغضب الذي يؤثر على القلب والضغط والسكري وذلك بسبب الغضب وينصحونهم بالابتعاد عنه ويقولون لهم: الكلام اللين يلين القلوب التي هي أقسى من الصخور وقلوبهم لا تتحمل الغضب.
اللين في الحديث من شأنه أن يصلح النفس ويهذب السلوك ويضخ في الحياة التجدد والحيوية وهو أسلوب راق من أساليب الاتصال التي تساهم في المحافظة على إنسانية الإنسان وتجعله يدخل القلوب قبل العقول. للأسف وأقولها وبحرقة هناك بعض الآباء والأمهات وآخرون وأخريات يسمعون فلذات أكبادهم عبارات فيها جفاء وخشونة يحفظها الطفل ويرددها على الآخرين بحسن نية هنا تظهر التربية فلا نلوم أطفالنا بل نلوم أنفسنا حين ندرك جسامة ما نُسمع أطفالنا. يعجبني ويعجب من يعرفون معنى اللباقة في الكلام ما هو سوى التريث قليلاً وأن يضع المتحدث نفسه مكان الآخرين، ويدرك أن الكلمة الطيبة تأسر من أمامك، في حين أن الكلمة الجارحة «تنفر» الناس من حولك وتجعلك خارج دائرة اللباقة. ولا يعجبني ذلك الإنسان الذي بإبداء رأيه في موضوع معين بطريقة لا تراعي أبداً أي نوع من اللباقة في الكلام، وليست في مكانها، وفي المقابل تترك أثرها النفسي الكبير على الطرف الآخر. لا أرى مطلقاً أن هناك صعوبة في تعليم الأطفال حسن الكلام، وهذا يأتي بالقدوة الحسنة أولاً للوالدين والإخوة الكبار وتصويب أخطاء الأطفال عند وقوعها باللين وليس برفع الصوت كما يفعل ذلك البعض من الناس.
الإنسان يسمو بأخلاقه وحسن كلامه وليس أفضل للتعبير عن كل ذلك من الكلمة الطيبة والقول اللين الذي يُقَرّب قلوب الناس ويستقطب عواطفهم الجميلة وعقولهم المنفتحة، والكلمة الطيبة مثل الوردة الجميلة الفواحة التي يختارها الإنسان وينتقيها من وسط حديقة مليئة بالأزهار، وفي رأيي الشخصي الإنسان لا يقاس بالمكانة الاجتماعية ولا بألقابنا وقبائلنا بل بالكلمة الطيبة، همسة: (هناك الكثير من الناس ضيّعوا هيبتهم حين يتلفظون بكلمات تعكس ما في داخلهم من سوء الاحترام).