العقيد م. محمد بن فراج الشهري
أجرى ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حواراً شاملاً ومطولاً مع مجلة ذا أتلانتك The Atlantic الأمريكية التي تعد من أقدم وسائل الإعلام الأمريكية.. ولم يكن اللقاء وهذا الحديث عادياً، أو مشابهاً لما تعوده الرؤساء والمسؤولون أصحاب المهمات الصعبة، لقد فاق كل التصورات، وأقفل الباب على كثير من الاستفسارات، والنقاشات التي تدور في أذهان الشرق والغرب، على أنني طوال حياتي الصحفية لم أشاهد أو أقرأ أو أتابع، أو أسمع بحديث تجربة وسائل الإعلام الغربي مع مسئول عربي، أو سعودي، أو شرقي، أو غربي مثل هذا اللقاء الشامل، الكامل، الوافي الذي عرّج فيه سموه على كل ما يجول في خواطر الساسة والقراء، والمهتمين بالشؤون الإعلامية، والسياسية, ومتابعي السوشيال ميديا بأشكالها وألوانها كافة، فلقد كان اللقاء جريئاً من السائل ومن المجيب، وكان سموه كعادته في مثل هذه الحوارات، خاصة مع القنوات الغربية والعالمية، كان نجماً مشرقاً وضّاءً أضاء فضاء أمته، وقال ما عنده من دون تردد، وشرح وأوفى، وبرهن على ما يمتلكه سموه من حنكة، وفطنة، ودراية بماضي هذه البلاد، وحاضرها، وبما يمر في العالم كله من أحداث خاصة بعد إعلان يوم التأسيس، والحديث عن الأسرة الحاكمة، وكذلك الشق الاقتصادي، بل ورؤيته الثقافية، والحوار أتى فيما يقارب سبعة آلاف وتسعمائة كلمة، ومن الصعوبة بمكان استعراض كل ما ذكره سموه أو مر عليه في مقالة كهذه، ولكن اللقاء كان غير عادي بالمرّة، بل هو لقاء شافٍ وكافٍ لكل من يريد أن يهتم بوضع المملكة ومسيرتها في هذا العصر الذي تشهد فيه نهضة غير عادية أبداً، بل إنها حققت قفزات لم نكن نحلم بأنها ستتحقق إلا بعد قرون، وهذا بحد ذاته إعجاز تخطته المملكة بكل اقتدار في عهد الملك سلمان وولي عهده، والمعلوم أن رؤية ولي العهد التي هي مشروعة يواجهها «مشروع لإفشالها، وهذا المشروع لإفشال رؤية 2030م» له أطراف دولية، وإقليمية، ومحلية دول، وجماعات، وأفراد، وسموه قال: «هناك العديد من الناس الذين يريدون أن يتأكدوا أن مشروعي يفشل، ولكنهم لن يستطيعوا المساس به، ولن يفشل أبداً، ولا يوجد شخص على هذا الكوكب يمتلك القوة لإفشاله».
وأضاف: ولا أريد أن أوجه اتهامات لأحد، فهناك مجموعات قليلة، يستطيع أي شخص يمتلك معرفة جيدة أن يجد الصلة بين تلك المجموعات في الغرب، والمجموعات في الشرق الأوسط الذين لديهم مصالح في أن يرونا نفشل».
أما في مسائل الهوية التاريخية والإسلام وحول التطرف، والمجتمع «الأيديولوجيات» فقال سموه: «دولتنا قائمة على الإسلام، وعلى الثقافة القبلية، وثقافة المنطقة، وثقافة البلدة، والثقافة العربية، والثقافة السعودية، وعلى معتقداتها، وهذه هي روحنا». وأكد سموه أننا «نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية التي عاش بها الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام-، والخلفاء الأربعة الراشدون، حيث كانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة».
وقال سموه عن المتطرفين والمتشددين: «المشكلة هي انعدام وجود من يجادلهم بجدية». وقال سموه: «تلعب جماعة الإخوان المسلمين دوراً كبيراً وضخماً خلف هذا التطرف.. وعندما نتحدث إليهم.. لا يبدون كمتطرفين، ولكنهم يأخذونك إلى التطرف»، ثم تحدث سموه بحديث عقلاني ومحكم عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-، وقال: «أما فيما يخص الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فهو كسائر الدعاة وليس رسولاً، بل كان داعية فقط، ومن ضمن العديد من عملوا من السياسيين، والعسكريين في الدولة السعودية الأولى».
وكثير من الأمور المهمة التي استعرضها سموه لا يمكن سردها، لكنه عرّج على مصطلح «الإسلام المعتدل»، فقال سموه: ربما يجعل المتطرفين، والإرهابيين سعيدين، حيث إنها أخبار جيدة لهم إذا استخدمنا ذلك المصطلح، فإذا قلنا «الإسلام المعتدل» فإن ذلك يوحي بأن السعودية والبلدان الأخرى يقومون بتغيير الإسلام إلى شيء جديد.. نحن نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية التي عاش بها الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
وعن رؤية سموه للمستقبل قال سموه: إذا قلت لكم إنني أرى خط النهاية، فهذا أمر لا يعني أنني قائد سيئ، فخط النهاية يعتبر شيئاً بعيداً، كل ما عليك القيام به هو الركض، والاستمرار بالركض بسرعة أعلى، والمواصلة خلف المزيد من خطوط النهاية، والاستمرار في الركض.
خلاصة الكلام أقول: إن حديث سموه لم يكن عادياً أبداً، كان شاملاً، وكافياًَ لإزالة كل العوائق التي تتطاير في سماء المملكة وكل العالم، أجاب بنبرة الرجل الواثق بالله ثم بقيادته، وشعبه وما يمتلكه من حسّ ثقافي، وسياسي، ودبلوماسي جعل الغرب، والشرق يعترفان بهذه العقلية الفذّة، والتصرف المدروس، والسليم لكل ما يحيط بالمملكة خارجياً، وداخلياََ، وعلى الصعد كافة، وثقته التامة فيما يقدم وما يقوم به من أعمال مشرّفة ستبقى شاهدة، ومخلّدة لهذا الرجل النابغة.. نسأل الله أن يحفظ علينا أمننا، وأماننا، وأن يحفظ لهذه البلاد عزتها، وكرامتها، وأن يحفظ لنا قائد المسيرة المظفر وولي عهده من كل شرّ، وأن نكون دائماً في المقدمة في كل ما يسر الإسلام، والمسلمين والبشرية جمعاء.