د. فهد بن علي العليان
لم تكن لقاءاتي مع معالي الدكتور عبدالرحمن السويلم قديمة، بل جاءت متأخرة في السنوات الأخيرة وفي العقد الأخير أثناء انخراطي في مجال برامج ولقاءات المسؤولية الاجتماعية التي ابتدأها – حفظه الله – منذ عقود، التقيته في مناسبات متعددة في مجال العمل الخيري في جمعية (عناية) وفي مجال اهتمامه فيما يتعلق بـ(جمعيات الأيتام) على مستوى المملكة؛ حيث يرأس المجلس الفرعي التخصصي لجمعيات الأيتام مع مجموعة من الذين جعلوا اهتمامهم بما تقدمه الجمعيات للأيتام في مختلف مناطق المملكة.
قبل أيام قريبة، أقامت جمعية الأيتام في المنطقة الشرقية (بناء) مبادرة بناء قدرات وتبادل خبرات حمعية الأيتام، بفضل دعم مجلس إدارتها وبمتابعة مديرها العام النشط الهمام الأستاذ/ عبدالله الخالدي، وما إن دخلت القاعة حتى وجدت أستاذنا القدير د.عبدالرحمن السويلم جالسا ينصت ويستمع للمتحدثين بكل تواضع وهمة عالية، ذهبت مباشرة مسلما عليه مقبلا رأسه وإذ به يقابلني كما يقابل الجميع بالترحاب والبشاشة والسؤال عن الحال والأحوال، ويستمر ليحدثك عن الأيتام وأهمية العمل من أجلهم.
اكتمل ضيوف اللقاء وبدأ الحفل، وبعد أن ألقى (أبو عبدالكريم) عبدالله الخالدي كلمته الضافية، جاء دور صاحبنا (السويلم) ليرتقي المنصة بكل هدوء ورزانة تحت أنظار ابنه ومرافقه (سعد)، فبدأ كلمته متحدثا عن العمل الخيري في مملكتنا الغالية داعيا الجميع إلى مواصلة الجهود والعمل بالطاقة القصوى في مجال خدمة الأيتام، ثم اختتم كلمته (الجميلة) بأنه لم يستطع التعبير عما يختلج في فؤاده وينوي قوله، ليأتي بعد ذلك دوري فقلت للحاضرين والحاضرات: إذا كان الدكتور عبدالرحمن لم يستطع أن يعبر وهو الذي قضى عقودا من الزمن في الأعمال الخيرية، فماذا عساي أن أقول! ثم تحدثت حول نقاط سريعة وجدت أنه من المناسب أن أطرقها، وعدت إلى مقعدي.
في اليوم التالي، وفي الصباح الباكر كان اللقاء مع د. عبدالرحمن على طاولة الإفطار بصحبة ابنه (سعد) ومضيفنا مدير جمعية الأيتام (بناء) القدير عبدالله الخالدي، تحدثنا في البداية عن هموم الجمعيات ولقاء البارحة وحينها وجدت الفرصة مناسبة لأعرض على معاليه كتابة سيرته الذاتية المليئة بالكثير من محطات العمل الحكومي والتطوعي والشوري، مبينا له أن هذا سيكون مفيدا لكل من حوله ومن معه ومن سيأتي بعده ليكون الجميع على اطلاع على تاريخ قضاه الرجل في مبادرات وإنجازات وتحديات في مجال دراسته وتخصصه الطبي، وفي مجال مهامه الرسمية المتعددة، وكذلك في جوانب أعماله الخيرية والتطوعية التي بدأت مبكرة واستمرت إلى يومنا هذا في جلستنا هذه، ثم أردفت: إنني لو تحدثت الآن عن نشأته ودراسته وعمله الطبي ورئاسته لجمعية الهلال الأحمر السعودي، وأعماله الخيرية وانضمامه لمجلس الشورى لاستطعت أن أكتب عشرات الصفحات، فقابلني بابتسامة هادئة، وكان – كعادته – متواضعا مؤكدا بأن هذا قد يدخل في الحديث عن (الذات) وتمجيدها، ثم ذكر أنه يحتاج لمزيد من الوقت للتفكير في هذا الموضوع، فالتفتُ إلى ابنه الذي كان يسمع بعقله وقلبه فقلت له: أدركوا ذلك واحرصوا على كتابة سيرة والدكم الممتدة ليس من أجله هو، بل من أجلنا جميعا، فسيرة والدكم يحتاجها الجميع على مستوى عائلتكم وعلى مستوى العاملين في القطاع غير الربحي الذي يواصل أهله مسيرة من سبقهم في أعمال الخير في بلد الخير والعطاء، ثم افترقنا والتقينا في مقر إمارة المنطقة الشرقية لأرقبه يجلس في مكانه بكل هدوء وتواضع، لكن تاريخه يبقى شامخا بكل إنجازاته وعطاءاته، بدءا بحصوله على بكالوريوس في الطب والجراحة عام 1966 من «جامعة ميونخ» في ألمانيا، والزمالة في طب الأطفال عام 1982م، من جامعة «أدنبرة»، مرورا بشغله منصب رئيس «جمعية الهلال الأحمر السعودي» بين عامي 1997 - 2005م، وكذلك عضويته في مجلس الشورى، وفي مجالس العديد من الشركات الطبية، والجمعيات الخيرية واللجان المتعددة.
وأخيرا، ليته يأخذ بطلب الذين يرغبون منه بكتابة سيرته ومسيرته.
(العطاء .. منحة)