سلمان بن محمد العُمري
عبر عقود من الزمن كانت بعض المناطق العشوائية في مدن المملكة ملجأ للعديد من مخالفي نظام الإقامة ولبعض المجرمين الذين لم يراعوا حرمة البلد ولا حقوقه وتستروا في بعض المنازل، وتخفوا بجرائمهم المتنوعة من السرقة والمخدرات والغش التجاري والجرائم الأخلاقية، وكانت دوائر الشرطة والجهات الأمنية بوجه عام ترصد الكثير من المخالفات والجرائم التي يكون مصدرها هذه الأحياء ولا يقف عبثها داخل الأحياء التي يسكنون فيها بل تعدى ذلك لما حولها، وأبعد من ذلك حتى صاروا مصدر قلق لكل مواطن ومقيم ينشد الأمن والراحة.
وبعض الرعاع والسذج ممن يعلمون أو يجهلون حقيقة هؤلاء كانوا ضد القرار الحكيم بإزالة الأحياء العشوائية في بعض المناطق على الرغم من أن حقوق الملاك الحقيقيين محفوظة مكفولة - بإذن الله -، بل هناك مكرمات ومساعدات في تأمين الإسكان البديل لعدد من المستأجرين الذين لا يستطيعون دفع الإيجار لبيوت بديلة فضلاً عن شراء مساكن، وكانت النظرات القاصرة لهذه المعارضات والغوغائيات تتحدث من جانب زاوية ضيقة للغاية، ولا تقدر الأبعاد الأخرى الإيجابية، وفي مقدمتها الناحية الأمنية وما يتبعها ويتصل بها من أمور أخرى تؤثر على النواحي الاقتصادية والاجتماعية بل وحتى الدينية.
ولعلي أستشهد بتصريح لمدير شرطة منطقة مكة المكرمة مؤخراً حين قال: تم ضبط 60 مليون ريال، و100 كيلو ذهب أثناء أعمال الإزالة لعشوائيات جدة، وانخفضت نسبة الجريمة 12 في المئة ونتوقع وصولها لـ 20 في المئة عند الانتهاء من إزالة الأحياء العشوائية.
هذه الأرقام المضبوطة عند الإزالة وما سبقها ربما أضعاف هذه الأرقام المضبوطة لأن المتخلفين والمجرمين هربوا الكثير قبل عمليات الإزالة وهذا في محافظة جدة فقط وليس في سائر المناطق، وقد سبق أن كتبت عدة مقالات حول خطورة هذه العشوائيات والمتخلفين والعمالة الهاربة من كفلائهم، وكان آخرها مقالاً في هذه الزاوية «العمالة وما زال للإجرام بقية»، وذلك خلال أزمة كورونا، وحينما تعاملت الدولة أيدها مع المواطن والمقيم بالمسؤولية والاهتمام نفسها، وكيف تم اكتشاف أمراض خطيرة ومعدية لدى عدد من العمالة المتخلفة الذين شملتهم الرعاية الصحية في تلقي الجرعات الوقائية وقبلها عمليات الفحص المجانية، حيث ظهر لدى عينات كثيرة أمراض الإيدز والسل والدرن والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض المعدية الخطيرة، وكان الكثير من هؤلاء العمالة من الجنسين يباشرون أعمالاً متصلة بالغذاء والطعام لدى أفراد أو مؤسسات وتوصيل الطلبات.
وقلت إن ما نشاهده من مقاطع بين فترة وأخرى لبعض العمالة التي تقوم بالتزوير والغش والفساد في مأكل الناس ومشربهم وحاجياتها ما كان لها أن تقوم بعملها لولا ضعاف النفوس الذين تستروا عليهم.
لقد طال عبث هؤلاء العمالة المتخلفة حتى بيوت الله لم تسلم منهم حيث آوت بعض غرف العمالة المتخلفة بالمساجد عمالاً غير نظاميين استضافوهم أبناء جلدتهم وزاولوا جميعاً أعمالاً إجرامية محرمة، وتجاوز إجرامهم حتى تزوير كسوة الكعبة في حي النكاسة ليتم بيعها على الزوار والمعتمرين، وآخرين يقومون في أحياء أخرى بتزوير وترويج العملات المزيفة.
إن بعض هؤلاء لا يهدفون إلى كسب المال المحرم فقط بل تبين أن بعضهم من المفسدين وعملاء لبعض الأعداء يريدون الإضرار بالبلد ومقدراته ومكتسباته والسعي للإفساد فيه، ولا يمكن لأي بلد أن يرضى بانتهاك سيادته والعبث بأمنه الداخلي.
وإحصائيات السجون السنوية والدورية تثبت تورط العمالة المخالفة بجرائم لا حصر لها وما من جريمة على وجه الأرض وبلا مبالغة إلا وارتكبها هؤلاء المخالفون وقد أفسدوا ولم يصلحوا.
وكما قلت من قبل: إن العمالة الشريفة وهم كُثرٌ ولله الحمـد في بلادنا، هم محل العناية والرعاية والاهتمام وحقوقهم محفوظة وقلوب أبناء البلد لهم مفتوحة كما هي أبواب بلادنا، ومما لا يخفى على كل ذي لب وعقل أنه ما من بلد إسلامي وعربي يأوي في جنباته من العمالة الوافدة أو الجاليات المسلمة منذ عشرات السنين مثل المملكة العربية السعودية وأعدادهم بالملايين.
فأهلاً وسهلاً بكل مقيم شريف والسيف لكل مجرم وعابث، وشكراً لقيادتنا ورجال أمننا، وبارك الله في جهودهم.