عطية محمد عطية عقيلان
تلعب الجوانب الإعلامية والعوامل النفسية، دورا مهما في الحروب والصراعات، فشحذ الهمم والمعنويات والوطنية وبث الانتصارات والقوة، يحمس المحاربين ويؤثر في أدائهم في المعركة، وهذا ما جعل الجيوش تهتم بالتوجيه المعنوي، لتحقيق التأثير النفسي، باستخدام الترويج الإعلامي وكافة الوسائل المتاحة، لأنها تساعدها في تحقيق أهدافها وانتصارتها وتأييد مواطنيها، وغدت هذه الأدوات علماً له أصوله وطرقه وآلياته التي تسهم في التأثير واتخاذ المواقف، وتنبه العرب قديما لذلك من خلال نشر أشعار الحماسة وقصص البطولات أثناء المعارك، لتستمر إلى يومنا هذا مع فارق أنها كانت معتمدة على جهود فردية وإمكانيات محدودة وفطرية، إلى عمل منظم ومدروس ويتطور ووفق آليات وضوابط وقوانين تحكمه، مع استخدام كافة الإمكانيات التي تحقق الأهداف، مطبقة المثل «كل الأمور مسموح بها في الحب والحرب»، ويظهر ذلك جلياً عند الاطلاع على المراسلات والقرارات والاجتماعات التي يفرج عنها بعد فترة من الزمن للعوام لمعرفة جزء من الحقيقة المغيبة سابقاً، على أن جل الأخبار في أرض المعركة تكون الحقيقة هي ضحيتها الأساسية والغائبة بحرفية، مع تأكيد أن التاريخ والجغرافيا والأعلام يملكه ويكتبه المنتصرون، والحقيقة هي الخاسر، لا سيما مع التطور لمفهوم الحروب حديثاً وغياب المواجهات المباشرة فيها، فظهر ما تعرف بالحرب الباردة القائمة على الإعلام والاقتصاد والصناعة، والحرب بالوكالة من خلال دعم فئة لأضعاف فئة أخرى لتحقيق الأهداف بأقل الخسائر، لذا يقال السياسة حرب باردة والحرب سياسة ساخنة، ورغم التطور التكنلوجي ووسائل التواصل الإعلامي والأقمار الصناعية وشبكة المراسلين الميدانيين في أرض المعركة، ولكن تستمر الحقيقة في الغياب وتدفع الثمن من مصداقيتها ودقتها، ورأينا كيف في الحرب الدائرة في أوكرانيا، وظهور تقارير متضاربة عن الانتصارات والهزائم والضحايا، حسب الوسيلة الإعلامية والبلد، ونختم بمقولة طبقها قائلها حرفيا المستشار بسمارك» يكثر الكذب عادة قبل الانتخابات، وخلال الحرب، وبعد الصيد».