د.عبدالله بن موسى الطاير
في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الأمريكي أن يظهر متماسكاً كقائد للتكتل الغربي في وجه روسيا، يواجه صعوبات وتحديات جمة على الصعيد الداخلي. وللوهلة الأولى يبدو للمتابع العابر أن تصويت الكونجرس بمجلسيه لصالح حظر النفط الروسي وتقديم مساعدات لأوكرانيا بحوالي 13 مليار دولار هي مؤشرات على وحدة الجبهة الداخلية، إلا أن استطلاع لصحيفة وول ستريت جورنال سيعكر مزاج الرئيس وإدارته، حيث إن غالبية الأمريكيين لا يفضلون الرئيس جو بايدن، ويعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ.
هذا الاستطلاع يأتي مخيباً لآمال الإعلام الموالي للديموقراطيين الذي يحاول استخدام أزمة روسيا أوكرانيا لمساعدة الرئيس وحزبه في السيطرة على الكونجرس في الانتخابات النصفية في نوفمبر القادم.
الاستطلاع الذي أجري في المدة من 2 إلى 7 مارس، أظهر أن 56 % من المشاركين لا يؤيدون الرئيس بايدن مقارنة بـ41 % كانوا متعاطفين معه.
الأسوأ من ذلك أن 63 % من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن أمريكا تسير في الاتجاه الخاطئ مقابل 26 % يعتقدون أنها تسير في الاتجاه الصحيح.
خوض رئيس دولة مثل أمريكا حرباً تكاد تتحول إلى حرب عالمية، وربع مواطنيه فقط يرون أنه يسير ببلادهم في الاتجاه الصحيح هو سابقة ربما لم تتكرر كثيراً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في ظروف استثنائية كهذه.
وفي استجابة المبحوثين حول أربعة خيارات قاموا بترتيبها حسب أهميتها للشعب الأمريكي، أشار 50 % إلى أهمية أن يركز الرئيس والكونجرس على التضخم والاقتصاد، وأن يجعلوه أولوية قصوى، ومن دون شك فإن حظر النفط الروسي سوف يزيد من قسوة الظروف الاقتصادية، خاصة أن الاستطلاع قد تم قبيل اتخاذ قرار الحظر.
وحظيت الحرب بين روسيا وأوكرانيا بـ25 % كأولوية للأمريكيين، والهجرة وأمن الحدود في المركز الثالث بـ15 %، واحتلت جائحة كوفيد_19 المرتبة الأخيرة بـ5 %.
الإعلام الليبرالي واليسار منه خاصة، يخوض إلى جانب الرئيس حرباً إعلامية ضارية، لكنها لم تنعكس على قناعات الرأي العام، حيث أشار 46 % من المستطلعين إلى أنهم سيصوتون للجمهوريين لو أجريت الانتخابات يوم الاستطلاع، بينما حصل الديموقراطيون على 41 %.
وعكس الاستطلاع تساوياً في التفضيل بين الرئيس الحالي جون بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب بنسبة بلغت 41 %. وفيما لو تقدم كل من بايدن وترامب للانتخابات عام 2024 فقد كان 45 % من المستطلعة آراؤهم سيصوتون لكل منهما. وفي العموم فقد بارك 48 % من المشاركين عمل الرئيس ترامب، معتبرين أنه قام بعمل أفضل من خلفه الرئيس بايدن الذي حصل على نسبة 42 %. وفي حين يعتقد 58 % من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع أن بايدن لم يكن يركز على القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لهم، فإن 50 % من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الرئيس يحاول فعل الشيء الصحيح.
الإعلام المحافظ في أمريكا يجد نفسه في مواقف حرجة، فهو مناهض للديموقراطيين، لكنه في الوقت ذاته يدرك أن أمريكا في حالة حرب تقريباً، ويتغلب هذا الإعلام على مأزقه بعدم تأييد اجتياح روسيا لأوكرانيا، لكنه في الوقت ذاته لا يرى أن الرئيس الأوكراني بطل على سبيل المثال، ويستدعي الإعلام المحافظ محللين إلى قنواته وصحفه وإذاعاته ممن يعتقدون أن أوكرانيا يجب أن تكون دولة محايدة، وأنه تم التغرير بها للوقوف في وجه روسيا.
ومن دون شك فإن شعبية الرئيس دونالد ترامب في الإعلام المحافظ تزيد من معاناة البيت الأبيض، فالخطاب الذي يدفع به الرئيس السابق فيه الكثير من التهكم والسخرية، دون أن يوضح صراحة وقوفه إلى جانب روسيا. نقده اللاذع للضعف الأمريكي تحت رئاسة جو بايدن يجد شعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتكراره التلويح بانتخابات 2024 يبدد جهود الحزب الديموقراطي في إقناع الشارع الأمريكي بأن أمريكا تسير مع الإدارة الأمريكية الحالية نحو معالجة القضايا التي حفل بها خطابهم الانتخابي الذي أوصلهم للبيت الأبيض، وبالتالي فإن الحزب جدير بفترة رئاسية ثانية.