عبده الأسمري
اقترنت «الكتابة» منذ تعلم الإنسان الحروف الأولى بتداعيات متعددة وتباينت بين الجودة والإجادة والروتين والتلقين.. وقد ظلت بعض «العبارات» المكتوبة بصمة على «جدار» الزمن رغماً عن تعاقب محطات العمر لأنها انطلقت من «منصة» الإبداع وظلت تردد في أنحاء «الإمتاع» فاستعمرت الذائقة البشرية لقرون متعاقبة.
يقع تحت أيدينا العديد من الكتب فتأتي القراءة كرياضة ذهنية تعيد لنا الوجاهة الأدبية والنباهة الفكرية فنكون في اتجاهين من التذوق يحدد مساريها «المحتوى» المكتوب على أوراق الكتاب فنجد أن هنالك «مفردات» تجذبك وترغمك على البقاء أمامها والإعجاب بمضمونها وأخرى قد تجعلك في خيار اضطراري للخروج من «عباءة» التكرار والتمرد على «عبء» التكرير لتبحث عن «محفل» قرائي آخر في منتج مختلف.
بعض الكتابات المسجوعة بالإبداع تجعلك «ثاوياً» في دائرة «الذوق» تحفز حواسك نحو «الاستمتاع» الذهني بمفردات منفردة تتجلى في هيئة «لحن» مكتوب وعبارات فريدة تتعالى في هوية «متن» مطلوب وكأنك تقرأ وتسمع في آن واحد لتتشكل كموسيقى «مكتوبة» تعتمر الذوق وتستعمر الروح فتخرج من بين ثناياها «منتصراً» لذاتك الباحثة عن «الجمال» في كنوز «الكتابة» وتترك تلك المساحة «مختصراً» كل طرق البحث عن «ضالة» ثقافية ترضي غرورك «الفكري»
على مر «التاريخ» توارثت الأجيال عبارات كانت في سياق «حكمة» ثابتة وظلت في إطار «حنكة» مثبتة وترددت في «السماع» لتحضر في متون «النصح» وتمددت في «الاستمتاع» لتثبت في شؤون «البوح» لأنها جاءت في ألفاظ «بديعة» جعلت من قراءتها «لذة» للعقل و»تلذذ» للروح فظل بريقها يضي مسارب «العتمة» البائسة في «كتابات» روتينية اعتيادية.
عندما تتوشح الكتابة بالإبداع تتجمل بالدهشة وتتحلى بالاندهاش الذي يجعل القارئ أمام «محفل» ثقافي يجبر الذائقة على الاذعان للمحتوى ويجعل «المتلقي» في «اشتياق» مذهل للكتابات القادمة التي تتخذ من «الإمتاع» عنواناً لكل تفاصيل المشهد الكتابي الزاخر بالانفراد والفاخر بالتفرد.
يجب أن تكون «الكتابة» بين قطبين من التشويق والتطبيق وصولاً إلى جني ثمار «الذوق» البشري في القراءة وتوظيف استثمار «الفعل» الثقافي في الاستقراء حتى تنال الكتابة مرتبة الإبداع الذي يحولها إلى «هدية» معرفية عظيمة تجود بالعطايا «الفكرية» فيظل الإنسان حينها في حالة من الإنصات والإعجاب والاعتزاز لكتابات جاءت لترسم مشاهد «الفائدة» وتوظف معاني «المتعة» في مجتمعات ترتقي بالعلم وتسمو بالمعرفة.
الكتابة نعمة كبرى يجب أن يعي كل إنسان أهميتها وأن يقدر كل شخص مهمتها حتى يحترم هذا المفهوم «العظيم» الذي يوظف ملكات «التفكير» ويسخر إمكانات «التفكر» للخروج بإنتاج مكتوب يخدم «البشرية» ونتاج مقروء يحفز «الإنسانية» وصولاً إلى خلق أجواء «التنافس» وارتفاع أصداء «التفوق» من «بصائر» الحرفة» إلى مصائر «الاحترافية».
تنجذب النفس البشرية وفق خصائصها وأصولها وأعماقها إلى الكتابة كمنطلق معرفي ومنطق حتمي يجعل الحواس في حالة من «التفاعل» الذهني مما يرسم في دروب الحياة دوائر من المنافع ومدارات من الفوائد يحتاجها الإنسان في مؤلفات وعبارات ومقالات وإنتاجات مكتوبة تسهم في رقي المجتمعات وارتقاء الشعوب.
تحتاج مدارسنا وقطاعاتنا التعليمية إلى «خطط» لتعليم الأجيال الحالية والقادمة الكتابة بشكل أبداعي واحترافي ومهني فما نراه من «لعثمة» بئيسة أو «سذاجة» بائسة في أقوال الأغلب وكتابات «الغالبية» من «جيل» اليوم يعود إلى أنهم يقرأون الكتابة العامية ويتسمرون أمام الألواح الرقمية التي تنقل المكرر والمحول والموجه ويمكثون أمام شاشات الفضاء التي تكتظ بالغوغائية اللفظية والعشوائية القولية وتمتلئ عقولهم بمخزون «لغوي» مخجل قادم من ثقافات أخرى لا تفرق بين الفعل والاسم لذا فان هذه «الثقافة» الهشة كانت وستظل «معول» هدم لأساسات «اللغة» وأصول «الحديث» فلا بلاغة ولا نباغة أعظم من المكوث في ساحات لغتنا العربية التي تحمل كل ثنايا «النماء» المعرفي وجميع عطايا «الانتماء» الثقافي وتتجمل بكل درر «الإبداع» وتتحلى بشتى جواهر «الإمتاع».