لنهنأ بالقدر والآلام..
فالذي قدرها الرحيم العلام..
ما حلت إلا أوحلت.. وما لأحد صفت.. إنها الأولى وليست الثانية.
.. خلقت كدراً ونريدها صفواً.. فنحتسبها عنده نجدها ذخيرة.. ونصبر عليها.. فالإنسان على نفسه بصيرة.
يقول الأحنف بن قيس: أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، نحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة
يقول الشاعر.. أيضاً أولادنا أكبادنا.. تمشي على الأرض لو هبت ريح على بعضهم لاستعصى على العين الغمض.
ضج العالم خلال الأيام الماضية لكارثة الطفل المغربي ريان -ابن الجميع- بعدما سقط في بئر ارتوازية وراقب متأملاً لأي بصيص نور ولائحة أمل لاستخراجه معافى كي يرد لأبويه كي تقر أعينهم.. حيث وضع العالم يده على قلبه قبل أن يحبس أنفاسه لرعاية العمل الدؤوب من قبل السلطات المغربية لإنقاذ الطفل الفقيد.. ولم يهنأ لنا العيش ونسكن قبل أن نطمئن بانتقاله للرفيق الأعلى الذي اختاره وتكفل به وهو به الأرحم والأكرم فالحمد لله على قضائه ومشيئته.
لا أعلم حقيقة لماذا ربط الذهن بين حادثة الطفل ريان رحمه الله وبين حدث كوفيد 19 (كورونا) الذي استجد عام 2020.
أليس كلاهما حبس؟
حبس القلوب والأنفاس..
حيث إضافة لحبس العالم لأنفاسه.. (اللهم لا اعتراض والله الأعلم) فقد احتبس الطفل الصغير في حفرة بئر ضيقة وعميقة على مدى خمس ليال متتالية -رحمه الله- تحتضنه الصخرة والأحجار التي لا حد لها وحبوب الرمل التي لا عد لها وهبوب الرياح الباردة وأمل وظلمة
نعم.. فقد احتضنت الظلمة وبرودة الجو الطفل الذي اعتاد حضن أمه على مدى خمس ليال بأيامها تكلؤه عين الله تعالى في عزلته. في حين ساهم الكوفيد 19 في عزل من نوع آخر عام 2020 -والله الأعلم- حيث المكوث وعدم الارتياد لقضاء أبسط المتطلبات الحياتية سواء الذهاب للمدارس أو تأدية صلاة في المساجد وغيره..
وقد نال العزل أيضاً .. القرب من الوالدين ومحاولة احتضان يديهما أو حتى تقبيلهما.. حتى لا تنقل العدوى فسبحان الله تعالى في شأنه.. من اللافت للنظر حقاً العامل العالمي المشترك بين الحادثتين فكلتاهما حبس وعزل.
ومن اللافت للنظر أيضاً توجه الأنظار كلها - برأيي- لتلك الحفرة والتضامن العربي الذي ليس بغريب علينا فقد آخى النبي الكريم المرسل صلوات الله وسلامه عليه بين المهاجرين والأنصار فلم لا يكون هذا الالتفاف البديهي فوق التربة البسكوتية وصورة تلفزيونية حية انبثقت أمامنا وبقوة عبر الشاشات.. والأجهزة اليدوية في العالم أجمع..؟!
إن هذا التعاطف العالمي الذي حصدته هذه الكارثة ورصدته الكاميرات.. يعكس رافدًا من روافد الإنسانية.
وأخيرًا.. فالدرس المستفاد عميق والرسالة قوية هذه المرة.. نسأل الله تعالى أن يجبر كسر والديه وأن يستمر التضامن في كل ما يخص شؤون الأطفال والمستضعفين عليها ومن ضمنها.. دورنا في التبليغ عن الآبار الارتوازية المهجورة للجهات المختصة.. ومن أحياها فكأن أحيا الناس جميعاً.