محسن علي السهيمي
الشركة السعودية للكهرباء شركة عملاقة؛ فهي -بحسب ويكيبيديا- «متخصصة في إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء في المملكة العربية السعودية، وتعد أكبر شركة في مجال الطاقة الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، ولديها -بحسب المصدر نفسه- ما يزيد على (عشرة ملايين) مشترك. شركة بهذا التمدد وهذه الإمكانات، وهذا الكم الوافر من المشتركين الذين هم في ازدياد مستمر ينبغي أن تكون خدماتها المقدمة محققة لرغبات مشتركيها ومسايرة لطموحاتهم، وخصوصًا شعارها الذي ارتضته لها هو «نعمل بإتقان من أجلكم». الأمر الملاحظ على الشركة هو أنها لم تحظَ بمزيد من الرضا لدى مشتركيها، خصوصًا في مسألة تأخر وصول الخدمة الكهربائية للمشتركين الجدد، إضافة إلى الشكاوى المتكررة من الفواتير والانقطاعات المتكررة للتيار، وغيرها. دعونا نأخذ مثالاً واحدًا يتبين من خلاله خطأ تفكير الشركة وعجزها عن إيجاد الحلول المُرضية للمشتركين، ويتبين من خلاله حجم الإجحاف الذي أوقعته عليهم؛ حينما لم توفِهم حقَهم نتيجة اقتطاعها جزءًا من مبانيهم (مساكن أو عقارات). المثال المقصود هنا يتمثل في إلزام الشركةِ المشتركَ بتفريغ إحدى الغرف الأمامية الأرضية في مبناه (مسكنه أو عقاره) لتضع فيه محولاً كهربائيًّا (تَرَنْس) يغذي المبنى. هذا الإجراء يعد من أغرب الإجراءات التي تمارسها شركة الكهرباء مع المشتركين، وبالطبع لا يعني هذا أن المشتركين جميعهم مطبق بحقهم هذا الإجراء؛ لكنه إجراء آخذ في التمدد ما يعني مستقبَلاً أن كل مبنى سيُغرَس في خاصرته محول كهربائي. الشركة وهي تمارس هذا الإجراء الغريب كان المأمول منها أن تُعوِّض صاحب المبنى بمبلغ مالي يوازي خسارة فقدانه غرفة أو مساحة هي في الأصل من ممتلكاته، لكنها تقتص هذا الجزء منه دون تعويض، وإن كان من تعويض فهو في حالة واحدة؛ وهي ألا يكون المحول الكهربائي حكرًا على صاحب المبنى؛ فإذا ما سمح صاحب المبنى بالتمديد لجاره من هذا المحول ففي هذه الحالة تعوضه الشركة بمبلغ مالي (ضئيل جدًّا). فمثلاً، إذا شَغَل المحول غرفة أبعادها (2*4) فإن الشركة تعطيه (100) ريال عن كل متر مربع، أي أنها تعطيه (800) ريال سنويًّا (لا شهريًّا)، وكان الأَولى أن يكون المبلغ بشكل شهري فيصبح سنويًّا ما مجموعه (9600) ريال. وعلى هذا فالمأمول أن يكون ثمن إيجار الغرفة التي يشغلها المحول الكهربائي في العقار التجاري مساويًا لثمن إيجار الغرف المجورة لها في العقار نفسه وبشكل شهري؛ فإذا كان إيجار الغرفة الواحدة (الدكان) للتاجر بـ(2000) ريال شهريًّا فيكون إيجارها للكهرباء كذلك بـ(2000) شهريًّا، ما يعني أن الشركة ينبغي أن تدفع (24000) ألف ريال سنويًّا وليس (800) ريال سنويًّا فهي أكثر ملاءةً من التاجر، هذا إذا كان حجم غرفة المحول مساويًا لحجم الغرفة الواحدة من (الدكاكين) المجاورة لها في المبنى نفسه، وإن زاد حجم غرفة المحول زاد المبلغ وإن قل حجمها قل المبلغ، والحال نفسها (نسبة وتناسب) مع المباني غير العقارية. إن كانت الشركة ترى في دفع الإيجارات المستحقة إرهاقًا لها فلماذا لا تفكر في اقتطاع أو استئجار أراضٍ صغيرة من البلديات في كل مخطط وبين كل بُلُكَّة وبلكَّة وتضع في كل أرض محولاً يخدم البلكة -أو البلكتين- التي تجاوره حتى لو تطلب الأمر دفع رسوم بسيطة من قِبَل المستفيدين من المحول بحيث تسلم مبانيهم من أذى المحولات؟ ولذلك تشعر بالأسى، بل ويتمثل أمامك التشوه البصري في أوضح صوره، وهذه الممارسات من شركة الكهرباء ليست من العدل مع المشترك حينما تترك الحلول الممكنة وتعمد لمبناه أو ارتداده وتقتص منها دون تعويض يرضيه.