هكذا درجت العادة في وطننا، نطلق على الأعوام فيه بالتسميات، ونقوم بتخصيص كلّ عام لمبدأ أو قيمة نؤكده في نفوس أبنائنا وبناتنا، ونستنهض من خلاله العزائم والهمم، في صورة من صور الإبداع بالعمل الحكومي في وطننا.
«عام القهوة» هكذا كانت التسمية هذه المرة، حيث الارتباط الوثيق بتاريخنا التي تطلق فيه وزارة الثقافة قيمتها المعنوية والثقافية، وترسل عبره رسائل متعددة إلى داخل الوطن وخارجه.
أبرز هذه الرسائل أننا نقول لكل السعوديين: إن ما تمّ تحقيقه في الوطن من هوية وجذور وأصل وعادات وتقاليد، ينبغي ألا تدخل عليها مؤثرات التمويه في المنجز والقيمة والتأثير.
في «عام القهوة» نقول لأبنائنا وبناتنا: علينا واجب جديد يتمثل في إعادة ثقافة وطننا وموروثه الديني والقيمي والأخلاقي والمجتمعي في دائرة الاهتمام حتى لا تشحب أو تضيع، وتحقيق منازل جديدة لها في مسار برنامج جودة الحياة الذي يعد أحد أهم مستهدفات رؤية المملكة في 2030، بنفس روح الآباء والأجداد، ونفس الإرادة والقوة، ونفس الهمة والعزيمة.
وحين نطلب من أجيالنا ذلك، فإننا نصبغ ملامح الأعوام القادمة الجديدة بملامح الآباء والأجداد، ومثلما كان معنا بالأمس قيادة لديها اهتمام بالموروث المجتمعي بكل عمق وعشق واعتزاز، فلدينا اليوم قيادة لها الرؤية نفسها في ظل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ـ رعاهما الله ـ، وتستمد من الآباء والأجداد العزم نفسه على استمرار ذلك الدور.
وكما كان لدينا في الفترة الزمنية الفائتة أفعال وأعمال عميقة في المعنى والأحاسيس التي تتردد حولها علاقات الود والمحبة تحت تأثير النفس المنتعشة والرائحة الزكية، فإن أبناء هذا الوطن لديهم الاستعداد نفسه تحت ذلك التأثير نفسه، وقد رفرفت وزارة الثقافة تحت عناية معالي وزيرها سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود في الأفق، ووصلت إلى إبراز موروثنا الثقافي وقيمنا التاريخية للآخرين، ووضعت بصمتها في الانتشار والاستشراف على الثقافات العالمية المختلفة.
أما أبرز رسائل الخارج، فإن «عام القهوة» يلقي الضوء على تجربتنا في تاريخ دخول القهوة إلى الجزيرة العربية في محطة باذخة، وكيف أضافت إلى الثقافة والتجارة والصناعة، ويقدمها كنموذج ملهم استطاعت في 304 أعوام أن تدخل الثقافة والتجارة والصناعة، متسلحة بقيم وطننا العربية والإسلامية، وكرمه وضيافته وصداقته وإصراره على خوض التحدي.
إننا في «عام القهوة» بمقدورنا أن نكون أكثر قدرة على التعبير عن منهجنا ورؤيتنا وحضارتنا وأصالتنا وإيماننا بذواتنا. متفائلون بمنجزات نوعية وفريدة قائمة على العلم والمعرفة والجاهزية والاختراع والإبداع في مسارات جديدة.
وكما وصلنا في «عام القهوة» إلى أبعد نقطة في تنظيم المعارض العالمية والفعاليات والبطولات، فإننا عازمون في «الأعوام الأخرى» على الوصول إلى نقاط أبعد في التنمية والإعمار والبناء.. وليس هناك مستحيل أمام تحدينا القوي وعزيمتنا الجادة، فـ»همتنا مثل جبل طويق» و»طموحنا عنان السماء «.
وقفة
يقول الشاعر جابر العثواني:
عام لقهوتنا (احتفاء) إنما
هي من طباع الأكرمين بقية
في فرحهم في سلمهم في حربهم
والكيف يحضر روحة أو جية
فنجان قهوتهم وليد دِلالهم
وينوب في المعنى هوىً وهوية
في أخذه، في رده، في هزه
طبع تجذر في النفوس الحية