ميسون أبو بكر
بدأت منذ وقت مبكر من واقع عملي الإعلامي زيارة مناطق المملكة إما لتصوير حلقات تلفزيونية ثقافية وتراثية لاختصاصي بالإعلام الثقافي والالتقاء بمثقفيها؛ أو لحضور فعاليات النوادي الأدبية المنتشرة فيها والمناسبات المختلفة في الجامعات التي لم تقتصر على مقاعد للدرس بل تنوعت نشاطاتها الأخرى مواكبة أفراح الوطن نشيطة في مؤتمراتها وندواتها المتنوعة.
ولقد كان للقصيم قلب المملكة حصة الأسد من زياراتي واهتماماتي فصافحتها مرارًا وكتبت عنها مرات كان آخرها إدراج أكلاتها الشعبية على قائمة التراث العالمي حيث تعد القصيم سلة الغذاء الغنية في المملكة التي اشتهر أهل مناطقها بإعداد الوجبات الصحية المعدّة من خيراتها والتي وصلت بدورها العالم لتحكي عن هذه المنطقة تفاصيل اهتم بها كثيرون خارج حدود المملكة.
كان لي سعادة التقاء أميرها السابق أمير الرياض حالياً الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز على هامش ملتقى نادي القصيم الأدبي الخامس عام 1430 في لقاء تلفزيوني على القناة السعودية. برنامجي «مرافئ» كان نافذة لي شخصياً على ثقافة الأمير سامي الفكر الذي ترك بصماته واضحة في كل منطقة من مناطق القصيم؛ والذي يكمل مشواره اليوم أمير القصيم د. فيصل بن مشعل بن سعود بما يتجلى من نهضة شهدتها كل مناطق القصيم والذي طربت لمقولة له تقول إن مكانة مناطق القصيم واحدة لا تفريق بين منطقة وأخرى.
وما أبهى الرس التي تعد من أقدم المواقع التي تم ذكرها في الكتب القديمة، التي صافحتها قبل أيام في افتتاح وحدة طب العيون بمستشفى الرس العام الذي يخدم المرضى بالمنطقة الغربية والجنوبية من القصيم والمجهز بأحدث الأجهزة والذي يعمل به أطباء من المبتعثين وبنات الوطن إضافة لكوادر عربية متميزة في المجال.
الرس التي أذهلتني بمرافقها وشوارعها النظيفة وعمرانها البهي وخدماتها الأنيقة وكل ما يجذب المسافر والسائح من أماكن اعتنت بتراث المنطقة يظهر الفرق واضحاً بين عام وعام على التقدم الملحوظ والمذهل فيها ولعل الذي استوقفني هو فزعة أصحاب الخير من أهلها الذين يعتبرون شركاء أسخياء في تبرعاتهم لمراكز ومستشفيات تخدم ليس فحسب منطقة الرس بل منطقة القصيم والهجر من حولها.
غادرت الرس وحملت معي تاريخها وطيبة أهلها وكرمهم وعبق طبيعتها وتركت وعداً بالعودة قريباً لتلك الشامخة التي عرفت منها سابقاً الكثير من المبدعين والرائعين الذين ينتمون لعائلاتها والذين تشرفت بزيارة وطنهم الصغير الرس في قلب عالمهم الأكبر المملكة العربية السعودية.
فتحية لمحافظها النشيط القدير حسين العساف الذي له في قلب أهلها المكانة الكبيرة، تحية لأهلها الكرام وألوح بكف القلب لشهداء الواجب من أهلها الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن منهم سليمان القزلان وآخرون؛ أسكنهم الله فسيح جناته شفعاء لأحبتهم بإذن الله.