خالد احمد اليوسف
تعرفت عليه قبل أن ألتقي به، فهو القاص والشاعر والكاتب، ابن الطائف المأنوس، لا يذكر الطائف المدينة الجميلة إلا ويذكر الشقحاء، ولا يذكر الشقحاء إلا وتذكر مدينة الطائف، وقد ذكرته في كثير من كتاباتي، لكن سأكتب عنه هنا ما لم أكتبه في السابق، لأن الأستاذ محمد الشقحاء الإنسان تجده في معظم كتاباته، وتعامله، وعلاقاته.
حرصت في بدايات انتقال عملي الصيفي إلى مدينة الطائف عام 1404هـ/ 1984م أن يكون الأستاذ الشقحاء هو أول من ألتقي به، وبالفعل زرته في مكتبه في نادي الطائف الأدبي في حي قروا، ثم اتسعت الجلسات الحميمية في مقهى حدائق نجمة على طريق الرياض، وهي يومية تقريباً، وكانت أحاديثنا الدائمة حول الكتابة والإبداع والنشر وإصدار الكتب، خصوصاً أنه من أكثر الناس حرصاً على اقتناء الجديد في عالم الكتب، ثم دعاني لبيته ورؤية مكتبته، وذلك في حي الحلقة على طريق الرياض، ورأيت العجب العجاب في مكتبته، التي تتخذ الدور العلوي مكاناً لها، وجذبتنا الحوارات لأكتشف أن بيننا قرابة نسب ومصاهرة، فتعمقت العلاقة أكثر، واستمرت لسنوات طويلة، لا طعم ولا نكهة أجدها في الطائف إلا بعد زيارته، في كل صيف، حتى جاءت إرادة الله لينتقل للعمل في الرياض، كان ذلك عام 1421هـ/ 2002م، وكان أول عمل قام به هو جمعنا أسبوعياً أو كل أسبوعين أو مرة في الشهر، بعد تكوين جماعة الإخوة الثمانية، وتتم اللقاءات في بيت أحدنا بشكل دوري.
يميل الأستاذ الشقحاء إلى القراءات المتنوعة، وخصوصاً -بعد الأدب- في التاريخ والصراعات الدينية والمذهبية والفكر، ويتابع بشغف كبير ما يصدر في هذا المجال، وعلى الرغم من تخلصه من مكتبته الشهيرة في الطائف، التي قدمها هدية لمكتبة الملك فهد الوطنية، إلا أنه استطاع بعد استقراره في الرياض من تكوين مكتبة جديدة.
يعتبر الأستاذ الشقحاء من أغزر كتاب القصة القصيرة العرب، وهو من المغامرين في مواصلة كتابتها بتلقائية طبيعية، ومن ثم إصدار ما لديه عبر دور النشر التي تقدم له أفضل الاسعار، ولهذا تجد أن مجموعاته القصصية صدرت عن دور نشر عربية كثيرة، بخلاف ما يصدر له في داخل الوطن، لأنها تجاوزت ثلاثين مجموعة. له محاولة وحيدة في كتابة الرواية وزعها علينا نحن الثمانية، وبعد قراءة فاحصة جاءه الحكم من الجميع: لتبق في درجك الخاص، إلا أنه لم يأبه فقام بنشرها إلكترونياً عبر المواقع، له كتابات اجتماعية ووطنية كثيرة نشرها في كتب خاصة، وأحدث هذه الكتب: نعمة الوطن وجفاف المنابع: مقالات في الشأن العام، طبعه على حسابه الشخصي، وهذا ديدنه في معظم كتبه. مثلما جاء إصراره قبل عامين لإصدار كتاب تذكاري خاص تحت عنوان: فضاء العشق بين الحرف واللون: كتاب تذكاري وثائقي عن لقاء الإخوة الثمانية، وهو ما يثبت قولي إن الأستاذ الشقحاء يطغى تعامله الإنساني على أي تعامل آخر.