خالد بن حمد المالك
وقف إطلاق النار، وإلقاء السلاح، ونزع فتيل الحرب، والتوجه إلى تعمير اليمن، ومعالجة ما خلفته الحرب، والنأي باليمن عن التدخل في شؤونه، خاصة من إيران، ولملمة الجروح التي كانت نتائج القتال اليمني - اليمني، هي أبرز ما يُفترض أن تكون مجال مشاورات بين اليمنيين إذا ما قُدر لاجتماعهم الذي دعا إليه مجلس التعاون للدول الخليجية العربية في مقره بالرياض.
* *
وواضح أن الدعوة من مجلس التعاون بجميع دوله، وليس من دولة واحدة، وواضح أن اختيار عقده بالرياض لأن مقر المجلس في الرياض، أي إن المملكة لا علاقة لها بهذه الدعوة إلا بمثل علاقة بقية دول المجلس الأخرى، بمعنى أن الاجتماع يعقد في مكان محايد، أي في مقر مجلس دول الخليج العربية، مثلما تعقد الاجتماعات في القاهرة حيث مقر الجامعة العربية، أو اجتماعات مجلس الأمن والأمم المتحدة في نيويورك حيث مقر المنظمة الدولية، بمعنى أن القاهرة ونيويورك -كما هي الرياض- تعتبر أراضي محايدة، وهكذا في دول أخرى، حيث تعقد المؤتمرات والاجتماعات في مقرات المنظمات الدولية والإقليمية، باعتبارها أراضي محايدة.
* *
وأي شروط مسبقة تطرح من أي طرف يمني قبل عقد الاجتماع التشاوري الذي دعا إليه مجلس التعاون، هي محاولة لإجهاض عقد الاجتماع، وإفشاله قبل أن يحين موعد عقده، وفي هذا فإن المتسبب سيكون خلف فشله، كما كان خلف إشعال هذه الحرب، والسيطرة على مفاصل الدولة، وجرها إلى هذا الدمار، وعدم الاستقرار الذي يعاني منه اليمن الجريح.
* *
وإذا ما فكرت ميليشيا الحوثيين سواء بإرادتهم، أو بإملاء من إيران، في الامتناع عن حضور الاجتماع التشاوري اتساقًا مع رفضهم لمبادرات سابقة إلا بشروطهم، فهذا يؤكد أن من وافقوا على الحضور والمشاركة البناءة إنما يعبرون عن حرصهم على حقن الدماء، والذهاب إلى ما يكرّس تعميق الأخوة بين الأشقاء اليمنيين والخليجيين والعرب، في مقابل من يرفض أي محاولة لإصلاح ما أفسده انقلابهم.
* *
على أننا لن نفقد الأمل حتى الساعات الأخيرة التي تسبق موعد الاجتماع التشاوري، في أن الجميع سوف يفكر جيدًا في مصلحة اليمن، والثقة بأن مجلس التعاون هو الجهة الوحيدة المحايدة والمهيأة لتطويق المشكلة المزمنة في اليمن، بوضع يده بيد اليمنيين جميعًا بمن فيهم الحوثيون، ودون استثناء أي طرف، للوصول إلى ما يرضي الجميع، ويحقق الأمن والسلام والاستقرار في اليمن، حتى يعود يمنًا سعيدًا كما كان وكما يجب أن يكون.
* *
غير أن المخاوف ستظل حاضرة من إفشال عقد الاجتماع، سواء بتخلي الحوثيين عن حضوره، أو حضوره، وإملاء شروطهم لإفشال أي نتائج يمكن أن تصب في مصلحة اليمن واليمنيين، وستكون طهران لها اليد الطولى والكلمة المهمة في الموقف الحوثي من هذا الاجتماع، ما يعني أن الحوثي سيظل كما هو مصنفًا دوليًا وعربيًا وخليجيًا تنظيمًا إرهابيًا بامتياز، وستكون نهاية الحرب في إقصائه من أي دور مستقبلي في اليمن الذي يوفره له الاجتماع التشاوري الذي سوف يعقد بحضوره أو بدون حضوره تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربي.