د.خالد بن عبدالعزيز الشريدة
كلي إيمان ويقين وطمأنينة.. (كما أنتم).. بأن هناك مسلمة نتداولها (أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان)!!
ليست المشكلة (غالباً) في قناعاتنا أن هذا الأمر فيه خير وعز وأمن وتنمية لنا.. لكن المعول عليه هو قدرتنا ورغبتنا وتجسيد هذه القناعات في واقعنا في مختلف توجهاتنا ومسؤولياتنا في الحياة!!
على فكرة.. ليست هذه المقدمة في (تفعيل حقيقة الإسلام في سلوكنا) وإنما في مختلف قناعاتنا وما إذا كانت تأخذ حيزاً من اهتمامنا (العلمي والعملي)!!
كلنا مقتنعون بأن صلة الرحم (فريضة) لكننا هل نتعامل معها بقدر قناعتنا بهذه الفريضة!!
وهكذا (بر الوالدين) بل (والصلاة) ومختلف الأمانات والمسؤوليات!!
لعل (فلسفة) المقدمة قد اتضحت هنا.
ودعوني أختصر وجهة نظري لأن عصرنا عصر السرعة ليس في الفهم فقط.. بل في العمل!!
لست ممن يرى (عصرنة الإسلام ولا أسلمة العصرنة) لماذا؟
وجهة نظري (زبدتها) هي أن لب الإسلام ومعناه ومفاهيمه وآفاقه كلها كافية ووافية وشاملة لكل معاني الرقي والتحضر (والتمدن) والانطلاق في ذلك لكل الآفاق.
الإشكالية هنا هي أن هناك لوثة (فكرية) تفصل بين حقيقة الإسلام والفعل الحضاري..!!
وكأن هذا الفعل (في فهمنا كمسلمين) يمكن أن ينعزل عن لب الإسلام.. لا.. أبداً.
دينك أمرك أن تسعى، وأن تنظر، وأن تتفكر، وأن تعمل عقلك، وتعمر الأرض، وأن تكون نزيها مسؤولاً أميناً.. وكل هذه الخصال وغيرها من معاني الجمال والكمال هي من أصول الإسلام التي لا تنفك عنه أبداً في أي زمان ومكان، وأي ظرف ومستوى من الحياة.
من إماطة الأذى عن الطريق. والابتسامة التي عدها صدقة إلى جملة عملية الاستخلاف في الأرض بما تحمله من أمانة عظمى تجاه الحياة كلها!!
أقصد هنا أن كل هذا الكم الهائل والعظيم والملهم.. كما نقول في المصطلحات الصناعية (بلت إن Built in) داخلة في الإسلام.. بل أنت مأمور بها ومأجور عليها.
ولذلك يتأكد لنا أننا لسنا بحاجة إلى منح الإسلام وصفاً (عصرياً) لأنه هو كذلك.. وكله كذلك.
إذاً أين تقع الإشكالية التي خلقت استفهامنا الأول في هل أننا مع (عصرنة الإسلام أو أسلمة العصرنة)؟ هي أنها ناتجة من الحكم على (ماهية الإسلام) من خلال مجمل سلوكيات الناس أو (ثقافتهم) أو طبيعة سلوكياتهم وتعاملاتهم التي (هم) يرون أنها ترفع معنى الإسلام أو تنزل به في تناغمه مع العصرنة أو تخلفه عنها.
ولذلك تجد من يصف الإسلام بأوصاف يريد (شعر أو لم يشعر) بمنح الإسلام صفات تليق بالمتغيرات بقوله (إسلام ديموقراطي إسلام حضاري إسلام عصري إسلام متمدن.. الخ مما يطرح).
(لماذا أقول ذلك لأنه ليس هناك إسلام متخلف أو إسلام متشدد). (وإنما هي أفعال الناس وثقافاتهم).
وكأن هذا الذي يريد وصفاً للإسلام يحسن إلى معنى الإسلام (الذي منحه الله له).
وللتأكيد على ذلك حينما تقرأ الكتاب والسنة لا تجد وصفاً للإسلام ابداً.. إلا وصفاً واحداً هو أنه (الإسلام) وكفى. (هو سماكم المسلمين) (كان حنيفاً مسلماً). لم ولن تجد وصفاً للإسلام إلا الإسلام.
أختم بأنني وجدت أن البيئة الراقية في إنتاجها وإنجازها وتعاملها تتناغم مع حقيقة الإسلام، بل وتشحذ وتحفز هذه البيئة لتكون خلاقة في مختلف مجالاتها.
والشواهد على ذلك كثيرة (إيتوني بمن لديه فهم نقي تقي للإسلام وسترون إبداعاته في علمه وعمله وعالمه).
(تجد ذلك في مجتمعات وجامعات وإدارات وأسر وأشخاص).
المعنى هنا أن القيم الجميلة تتناغم مع قيم الإسلام النبيلة.
ما يشدنا للخلف (ويشد المعنى معه) هي البيئة وطبيعة الثقافة التي نتعامل من خلالها.
إذاً حاجتنا لفقه مفهوم الإسلام وغناه بكل معاني التنمية والأمن والرقي والإنجاز تحتاج لأن نقول بأننا في ديننا ما يغنينا (وزيادة) عن الأوصاف التي تريد أن (تمكيج) هذا الجمال الكوني في (دين ربنا) الذي رضيه الله لنا باسمه فقط (ورضيت لكم الإسلام دينا).
دون حاجة لأي مساحيق (لا تستحقه.. بل ولا تحتاجه).
هذا ما أحببت مطارحته بياناً لما نحتاج لوعيه في حاضرنا ومستقبلنا.
ومن الله لكم السلام والرحمة والبركة.
** **
- قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية.. جامعة القصيم