أ.د.عثمان بن صالح العامر
كما هو معلوم فالعملية التعليمية (العامة والجامعية) عملية معقدة، لها أركان وركائز عدة، تقوم عليها وتستند إليها، (المعلم، الطالب، المقرر الدراسي، ساعات الدراسة، البيئة التعليمية والميدان التربوي، الأسرة، النقل والمواصلات و...) وكل مقوم من هذه المقومات يختلف من منطقة لأخرى، بل من بيت لبيت، كما أن كل مقوم يتأثر بمؤثّرات عدة على رأسها وعي الأسرة، والمرحلة التعليمية التي يدرس فيها الطالب أو الطالبة، وجودة العملية التعليمية داخل أسوار المدرسة قروية كانت أو أنها في المدينة. ولذلك فإن على متخذ قرار الدراسة في شهر رمضان الكريم أن يضع نصب عينه كل هذه المتغيّرات حين يكون إزاء حرية الاختيار بين الخيارات الثلاثة التي هي حديث المجتمع السعودي اليوم خاصة ونحن في فصل ثالث يأتي بعد فصلين لم تنتظم فيهما الدراسة حضورياً بشكل كامل ومتواصل جراء فايروس كورونا (كوفيد 19) الذي رفعه الله عنّا بفضل منه ورحمه، وهذه الخيارات المطروحة في النقاش الجاري في العالمين (الحقيقي والافتراضي) هي بإيجاز:
- الالتزام التام بالدراسة الحضورية، على أن يبدأ اليوم الدراسي الساعة العاشرة صباحاً، وهناك من يقترح البدء كما هو الحال قبل رمضان الساعة السابعة صباحاً، وآخر يرى أن تكون البداية بعد صلاة الفجر مباشرة، تلك التجربة التي عايشتها عندما كنت على مقاعد الدراسة الجامعية ولم تتكرر مرة أخرى.
- إلغاء الدراسة في هذا الشهر الفضيل، وهذا أضعف الأطروحات لم يترتب عليه من ضرر في اكتمال أسابيع الفصل الثالث للعام الدراسي الحالي.
- جعل الدراسة (عن بعد) كما كان عليه الحال في فصل الدراسة الأول وغالبية الثاني من هذا العام الدراسي. وشخصياً أميل لهذا الاقتراح لأسباب عدة، لعل من بينها:
- كون هذا الفصل (الفصل الدراسي الأخير) يأتي عقب فصلين دراسيين طولين، كانت الدراسة فيهما إما عن بعد أو الحضور فيهما كان جزئياً، وبالتالي فانتظام الطالب والطالبة في برنامجهما اليومي سيتغيّر فجأة، وهذا وإن تحقق للبعض فلن يتحقق للجميع لصعوبة ضبط الساعة البيولوجية بشكل دقيق، مما سيسب الغياب من قبل شريحة عريضة من الطلاب والطالبات، أو الحضور والنوم في الفصل.
- خصوصية رمضان حسب الثقافة المجتمعية السائدة لدينا على وجه العموم ولدى من هم على مقاعد الدراسة خاصة، ولذا لا بد أن تتغيّر هذه الثقافة أولاً، فلا سهر بليالي رمضان ونوم في نهاره، وإنما برمجة الأسرة السعودية على ما هو مسنون من الله في هذه الحياة؛ فالليل سبات والنهار معاش.
- عدم جاهزية الميدان التربوي في جميع مدارسنا وكلياتنا، إذ إننا مع دخول شهر رمضان قد نحتاج إلى التكيّف على سبيل المثال، وهذه المكيّفات ربما لم تخضع للصيانة منذ سنتين أو أكثر، وهذا سيكون مظنة إلحاق العنت والتعب على طلابنا الصائمين.
- نجاح تجربة التعليم عن بعد في التعليم السعودي بشكل يمكن توظيفه والاستفادة منه في هذا الشهر الفضيل، وهذا يسجّل لمقام الوزارة الموقر.
إنني على يقين بأن صاحب المعالي وزير التعليم وفريق العمل لديه حريصون على كل ما من شأنه تحقيق النفع العام وبلوغ الهدف المنشود من العملية التعليمية برمتها، ولكنني لما أعرفه عن معاليه من ترحيب بكل رأي مدعوم ومبرهن عليه كان هذا المقال، بلّغنا الله شهر رمضان ووفّقنا للصيام والصلاة، والصدقة والقرآن، وإلى لقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.