البحرُ عند السعلي صديق وخائن، وعدو مستتر وبائن
لسانه شهد، وفي قلبه نار تحترق لتلتهم الجميع
البحرُ يصرخ عن أحباب كانوا هنا ... والأمواج ترسل منادية تشبه صوتهم ... ونحن بين مدّ البحر وجزر الموج نحلم بأغنية لفيروز:
نسم علينا الهوا من مفرق الوادي
البحرُ عطرُ الأماني، ووتر الأغاني، وجرحُ الذكريات،وحبلى بالأسئلة ومقادير المفاجآت، البحرُ مرفوع بالاستعارات، والكثير من الكنايات، البحرُ سطر الحروف الحارقة، والكلمات الجارحة، ومداد الألم والقليل من الأمل، البحرُ قافية الشعراء، فاصلة السُّرّاد وهوى النقّاد، وتلاطم الفلاسفة، البحرُ أمواجهُ صراع وهدوؤه اقتباس مع حذر العشّاق، البحرُ شمسهُ نور وسرور، وقمرهُ مسامرة التائهين، واقتراب الغائبين، البحرُ عطر الجدّات، حكاية الأبطال، رموز الأساطير شاطئ الأحلام ومرساه، البحرُ سماؤه ملبّدة بالغيوم ليله حالك وفي نجومه حبال تدلّى بالفرح والحزن معا!
البحرُ متناقض الرؤوى، متقلب المزاج، صفحته كالزجاج، ماؤه مالح في عمقه مستقيم في اعوجاج البحرُ كالمرأة الفاتنة كلما اقتربت منها يظهر قبحها في عيني الحزين، وحلوة زرقاء كاليمامة، تبصر الأدق والأجوف والأخرف والأخوف عند المحبّ الولهان البحرُ رواية بطلها واحد وأحداثها كالمنايا مشتتة كبيت زهير:
رَأَيْتُ الْمَنايا خَبطَ عشواءَ من تُصب
تُمِتْهُ وَمَنْ تُخطئ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
البحرُ مسرحيّة هزلية لمن ينظر خلف الستار والحاضرون يصفقون، وجديّة حين يكون البطل اثنين مِنْ جمهور واحد، وفي آخر القاعة يجلس شيخ وقور يكفكف دمعه!
البحرُ وعاء الشعراء، هوس المتعلمين جمرة في الصدر يطفؤها هذا البحر، البحرُ عند محمود درويش له وصفه ولنا تأمله حيث يقول:
وسلاما أيها البحر المريض
أيها البحر الذي أبحر من
صور إلى إسبانيا
فوق السفن
أيها البحر الذي يسقط منا
كالمدن
ألف شباك على تابوتك
الكحلي مفتوحٌ
ولا أبصر فيها شاعرا
تسنده الفكرةُ
أو ترفعه المرأةُ
يا بحر البدايات إلى أين
تعود؟
مهما كتبنا عن البحر، يبقى البحرُ عالما من المتاهة والعجيب والغريبا في آنٍ واحدة، كلنا نودّ السباحة فيها غوص الحياة، أو انتهاء رحلة المعاناة، ويبقى السؤال معلّقا السعلي والبحرُ كيف يتفقان؟!
سطر وفاصلة
من صفحة المخرج والفنان سامي الزهراني بتويتر:
منذ افتتاح معرض حديث النوافذ بالرياض وهو مجمع للمبدعين وللتجارب الفذة، أعمال تشكيلية فاخرة لفيصل الخديدي تصاحبها موسيقى فخمة للفنان سعد العاطف، جاليري إحترافي عالي الدقة، اكتمل هذا بالأمس بتفاعل أدائي تلقائي لأعضاء فرقة مسرح الطائف.
** **
- علي الزهراني (السعلي)