د. محمد بن عبد الله المشوح
يقال لكل عالم مِنَّة على طلابه وتلاميذه
هنا تذكرت والحديث يجول عن تكريم الصديق الأستاذ أبي بدر حمد بن عبدالله القاضي من قبل نادي جدة الأدبي بصفته شخصية ثقافية محتفى بها خلال ملتقى النص الذي أقيم مؤخراً في جدة.
تعود علاقتي بالصديق أبي بدر إلى ما يزيد على خمسة وعشرين عاماً..
حيث كنت كغيري من أقراني وزملائي ممن استهواهم اقتناء وقراءة المجلة العربية التي رأس تحريرها مدة طويلة تعتبر هي العمر الذهبي لها..
أما الكتابة فيها فكانت أمنية تراود كل قارئ أو مثقف لما تتضمنه من كتابات ومقالات وحوارات رصينة متينة لعدد غير قليل من أساطين الأدب والثقافة في المملكة وخارجها.
لقد استطاع الأستاذ حمد كما أشار إلى ذلك العديد من الزملاء الذين كتبوا عنه وكشفوا مشاعرهم وذكرياتهم، أن يكون سفير ود ومحبة وسلام ووئام بين أجيال وأطياف المثقفين.
وهو كما عرفه البعض أيضاً يمتلك حكمة وتؤدة في أموره وقرارته..
مع كثرة المواقف والأحداث الحرجة التي مر بها..
لذا لم نتردد في ثلوثية محمد المشوح في الاحتفاء به في بدايات الثلوثية..
فكان ضيفاً مكرماً محتفى به مساء الثلاثاء 27-10-1426هـ.
بحضور طيف ولفيف هائل من محبيه وزملائه وتلاميذ حرفه..
فكانت ليلة بهية رائعة..
وامتدت علاقتي معه طوال سنوات عديدة، كنت أجد لديه المشورة والرأي في بعض ضيوف الثلوثية، بل إنه كان وسيطاً دائماً وشفيعاً عند كثير من الضيوف حيث أطلب الشفاعة منه.. ومنهم الأستاذ عبدالله مناع -رحمه الله- والدكتور عبدالله دحلان وغيرهم كثير.
أما مِنَّته على المثقفين فقد استطاع أن يقنع العديد من الأعلام والشخصيات الثقافية في الكتابة في محبوبته المجلة العربية وتدوين بعض محطات حياتهم وتجاربهم ومواقفهم والتي أصبحت لاحقا كتبا منشورة، فكان مفتاحا لكتابة السيرة الذاتية السعودية لدى العديد منهم، وعلى رأسهم علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- حيث استطاع أن يقنعه في كتابه بعض ذكرياته في زاويته الشهيرة سوانح الذكريات والتي نشرت بعد ذلك من قبل مركز حمد الجاسر الثقافي، وإشراف من الدكتور عبدالرحمن الشبيلي -رحمه الله- في مجلدين ويعتبران من أجمل وأمتع كتب السر الذاتية المدونة والمنشورة للسعوديين، حيث يقول الشيخ حمد -رحمه الله- عنها:
«نشرت لي «المجلة العربية « أحاديث تتعلق بجوانب من مجريات حياتي فيما يقرب من مئة حلقة، ابتداء من العدد 103 من السنة (10) الصادر في شعبان 1406 (آيار 1986) إلى العدد (234) من السنة (21) الصادر في رجب 1417 (تشرين الثاني 1996م) بعنوان «من سوانح الذكريات»، وذلك بطلب من رئيس تحريرها الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي، وباستعمال مختلف الوسائل لكي أواصل الكتابة في تدوين تلك المقالات.. انتهى.
ولم يكتف الأستاذ حمد القاضي بذلك فسعى وارتقت همته إلى نشر مزيد من تلك السير والذكريات لعدد من الشخصيات فكان منهم:
1- تباريح الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وقد نشرت كذلك.
2- الأستاذ عبدالله القرعاوي، نشرت لاحقا في كتاب بعنوان.
3- مذكرات السفير الأديب أحمد بن علي المبارك رحمه الله في «رحلة الألم والأمل» وقد نشرت.
4- مذكرات علوي طه الصافي.
وغيرها من الأسماء الثقافية التي استقطبهم واستكتبهم في محبوبته المجلة العربية.
هذا بيان بعض منة الأديب الذي خلقه الله كتلة من الخلق القويم والأدب الجم.
وأستذكر حديث شيخنا العلامة محمد العبودي عنه في معجم أسر عنيزة حيث قال «أديب لبيب ما رأيت ولا سمعت له قادحا، بل كل من رأيته أراه له مادحا فكأنما يصدق عليه قول الشاعر:
كأنك من كل الطباع مركب
فأنت إلى كل الأنام محبب
وبعد فهذه مشاركة عجلى هتف بها القلب نحو سفير القلوب النقية أبي بدر -حفظه الله وبارك في عمره وعمله-.