محمد عبد الرزاق القشعمي
عرفت الأستاذ الشاعر علي بن غرم الله الدميني قبل نحو نصف قرن، وأنا أتردد على جريدة اليوم بالدمام لوجود زميلي السابق وصديقي الأستاذ محمد العجيان رئيس تحريرها. ومنها عرفت الأستاذ الشاعر محمد العلي وتوثقت علاقتي به بعد أن ترافقنا مشاركين في الأسبوع الثقافي السعودي بالمغرب عام 1976م، تولى العلي رئاسة تحرير الجريدة بعد عودة العجيان للرياض، فمع تكرار زياراتي له بحكم قرب مقر عملي بمكتب رعاية الشباب بالأحساء ولوجود عائلة زوجتي بالدمام كنت عند زيارتي أجد معه الجريدة المتواضعة بجوار سكة الحديد ضمن المحطات المهمة التي أزورها، وأجد العلي ومنه تعرفت على الدميني والمشري، وكان وقتها ملحق الجريدة الثقافي (المربد) له شهرة وصدى، فكانا لا يبخلان علي بنشر بعض أخبار النشاط الثقافي للمكتب، وبلغت الجرأة بي أن أقدم نص محاضرة ثقافية ألقاها الدكتور خالد السيف عميد شؤون الطلاب والشؤون التعليمية بجامعة الملك فيصل عام 1397هـ 1977م بعنوان (دور الكمبيوتر في الحياة المعاصرة)، وطلبت من العلي طباعتها بكتيب يسهل توزيعه. فرحب بذلك وعرفني على الأستاذ والروائي عبدالعزيز مشري وكان وقتها أحد العاملين بالجريدة، وقال إنه خير من يتابع طباعتها في مطابع الجريدة، اتفقت معه على أن أجدها بعد أسبوعين جاهزة، وعند عودتي بالموعد وجدتها كما هي فاختلفت مع المشري وأغلظت له القول ولم أعرف أن السبب اعتراض مدير عام الإدارة وطلب مبلغاً يفوق ما كانت تطبعه المطابع الأخرى بالرياض.
انتهى الخلاف بتدخل العلي وتم طبع الكتيب وأعتقد أنه طبع مجاناً تشجيعاً للمكتب ونشاطه الثقافي. من هنا عرفت الدميني وأصلح بيني وبين المشري.. كان الدميني كما أعتقد وقتها طالباً بجامعة البترول والمعادن.
تطورت العلاقة إلى صداقة بعد دعوتي لمنزل العلي مع بعض الأساتذة ومنهم الدميني الذي منذ ذلك الوقت أصبح صديقاً. انتقل عملي من الأحساء لمكتب رعاية الشباب بحائل فتواصل النشاط الثقافي به، ودعوت الأستاذين العلي والدميني لزيارة حائل والمشاركة بنشاط المكتب بأمسية شعرية، وتم قبول وحضور الدميني بمشاركة الشاعرين صالح الصالح وعبدالله الزيد، وهي الأمسية الشعرية الثانية في الموسم بتاريخ 11-2-1399هـ، أذكر أن الدميني قد خص حائل بقصيدة عن حاتم الطائي وكرمه الأسطوري.
واستمرت لقاءاتي بأبي عادل بمناسبات مختلفة، فكلما زار الرياض يجمعنا به الأصدقاء المشتركون، وكان لي معه لقاءات كثيرة بالقاهرة وسوريا، وكثيراً ما يدعوني بمنزله بالخبر عندما أزور المنطقة أو نجتمع لدى استاذنا محمد العلي.
أصبح الدميني والمشري صديقين فكلما أتصل بأحدهما أجد أخبار الآخر واستمرت الاتصالات ومتابعة النشاط الثقافي والمهرجانات والمعارض.
وجدت في الشاعر رهافة في الحس وصدقاً في القول ووفاء منقطع النظير مع أصدقائه، وقد زرته مرات عديدة في خيمته التي نصبها في الصحراء أثناء حرب الخليج ومنها كانت روايته اليتيمة (الغيمة الرصاصية).
في الأعوام التالية صرنا نلتقي محمد العلي وعلي الدميني بالقاهرة بمعرض الكتاب وكان الدميني يكتب يومياته وينشرها بجريدة الجزيرة - الملحق الثقافي - تحت عنوان (أيام في القاهرة وليال أخرى) جمعها فيما بعد بكتاب عام 2006م. والأستاذ علي لماح ويتمتع بحسٍ شاعريٍ رقيق لا أنسى أنه اختار عناوين مناسبة لبعض كتبي ومنها عبد الكريم الجهيمان: سادن الأساطير والأمثال - عبد الرحمن منيف ترحال الطائر النبيل.
علمت بتعرضه لوعكة صحية قبل أشهر وقلت لعلها بسبب جائحة كورونا (صخنة وتعدي) ولكن الأيام طالت، وخرج كما سمعت وأصبح الاتصال بيننا وأصحابه متقطعاً فهو لا يرد على الهاتف، فأصبحت أكتب له أو برسالة صوتية فيرد. وأخيراً سمعت أنه عاد قبل شهر للمستشفى لاستكمال العلاج فأرسلت له رسالة صوتية لأطمئن عليه. فرد علي: (أنا تعبان). شفاه الله وعافاه ولا أذاقنا لوعة فراقه، والأمل كبير في أن يعود بنشاطه المعهود وتواصله مع الوسط الثقافي، فله المكانة الكبيرة والقدح المعلى في هذا المجال.