م. خالد إبراهيم الحجي
بحسب بيانات البنك الدولي، يعيش 4 مليارات شخص في المدن في الوقت الحاضر، ومن المتوقّع أن ينمو عدد السكان بمقدار 2.5 مليار آخر بحلول عام 2050، وبالتالي يمثِّلون ما يقرب من 70 % من سكان العالم.. وتُقاس معظم المدن والمحافظات والدول بحجم اقتصادها ومقدار نموه من عام إلى آخر. لكن هذه الأنواع من الأرقام لا تخبرك كثيرًا عن متوسط أداء السكان؛ لذلك يُضيف معهد بروكينغز، وهو مؤسسة فكرية مقرها في واشنطن العاصمة الأمريكية، معياري تراكمي جديدين لتصنيف أكبر 100 مدينة في الولايات المتحدة الأمريكية هما الازدهار والرفاه الاقتصادي؛ مما يعني حدوث تغييرات في رفاهية سكانها، ومنها مدن المملكة العربية السعودية الجديدة مثل مدينة نيوم، والعلا، وأملج السياحية، والدرعية الجديدة، والواجهة الجديدة لمدينة جدة والدمام وعسير، التي خطط لها وصممها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد - حفظه الله - وأبدع فيها بشكل خاص، لتكون بيئة صانعة لفرص العمل، وتعمل على توسعة القاعدة الاقتصادية من خلال الاستفادة من الموقع الجغرافي للمملكة، والإمكانات الفريدة التي تمتلكها الدولة السعودية، وجذب أفضل المواهب، وزيادة الاستثمار العالمي.. وقد قال ولي العهد في تصريح له «إن الذي يصنع الازدهار الاقتصادي ليس الدول وإنما المدن التي داخل الدول» وهو ما يفسر الخطط الطموحة نحو إعادة هيكلة المدن الجديدة، والتخطيط، والسعي نحو إحياء المشاريع التي توفر إمكانات واضحة للتأثير الاقتصادي، وجعلها تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، وجذب استثمارات عالية الجودة، والعمل على توظيف المواهب المحلية والدولية بما يتماشى مع الأولويات التي تناسب الدولة السعودية نفسها.. ومما لا شك فيه، أن سرعة التنقّل داخل المدن يُعد مفتاح الازدهار، وفي المستقبل، حيث يعيش معظم سكان العالم في المدن، سيكون التنقّل أمرًا أساسيًا. وإذا لم يتمكن الناس من التنقل بسهولة، فإنه يقلل من قدرتهم على الانطلاق إلى العمل، والاجتماعات وتبادل الأفكار، والشراء والبيع من بعضهم البعض. وهذا يؤدي إلى تأخر كبير في الازدهار الحضري للمدينة؛ وتفيد دراسة أجراها معهد راند الأمريكي، أن نسبة التآكل في الناتج المحلي للمدن قد يصل إلى 4 % لبعض المدن الشديدة الازدحام، وتعاني من كثرة الاختناقات المرورية.. لذلك تم أخذ سرعة التنقل داخل المدن بعين الاعتبار، عندما أعلن ولي العهد عن إنشاء المناطقالخاصة لتكون مدناً مستدامة في مواقع استثنائية وتنافسية، بناءً على المزايا النسبية للمناطق الجغرافية، والتضاريس الطبيعية في المملكة، مع تقييم جدواها الاقتصادية لتطوير قطاعات نمو جديدة، وهي بالضبط ترجمة عملية على أرض الواقع، لمقولة ولي العهد السابقة، بأن المدن هي التي تصنع الازدهار الاقتصادي.. كما حظي إنشاء مناطق خاصة للخدمات اللوجستية والسياحية والتنمية الصناعية والخدمات المالية على نفس درجة الاهتمام بالمدن الجديدة.. ولم تغفل برامج رؤية ولي العهد، الجاري تنفيذها على قدم وساق، من أن تأخذ في الحسبان رفع كفاءة نظام الدعم الحكومي، ووضع الخطط الدقيقة له، والاستفادة المثلى من فوائده من خلال إعادة توجيهه إلى المواطنين المؤهلين، والقطاعات الاقتصادية المستهدفة؛ لأنه، على سبيل المثال، غالبًا ما يؤدي الدعم الحكومي، بدون معايير أهلية واضحة، إلى عقبات أمام القدرات التنافسية، لا سيما في قطاع الطاقة؛ لذلك ستعمل أسعار السوق الحرة على المدى الطويل على تحفيز الإنتاجية، والقدرة التنافسية بين شركات المرافق العامة، وفتح الباب أمام الاستثمار، وتنويع مزيج الطاقة بين المصادر الأحفورية الناضبة، والمصادر الطبيعية المتجددة. والسعي إلى وضع معايير دعم واضحة، تستند إلى نُضْجِ القطاعات الاقتصادية، وقدرتها على المنافسة محليًا ودوليًا، وحاجتها الفعلية للدعم، دون تَعْرِيض القطاعات الواعدة، والخطة الإستراتيجية الشاملة للخطر.
الخلاصة:
الطريق إلى الازدهار الاقتصادي للدول لا بد أن يمر عبر المدن.