م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. التصوّر (الانطباع) تجاه الأشخاص أو الأحداث أو الأماكن أو الأشياء هو الذي يحدّد الموقف تجاهه.. أو كما يقول المناطقة «الحكم على الشيء فرع من تصوّره».. هذا التصوّر يعتمد بشكل كلي على المكون والمخزون الثقافي للشخص.
2. صناعة الموقف تعتمد على الصانع للموقف والمستفيد منه.. والمقصود بالمستفيد من الموقف يشمل المتأثر به، والذي سوف يتفاعل معه إما بالهتاف أو بالبكاء أو بالغضب أو بالدعم أو المناوءة ... إلخ.. فعاشوراء مثلاً موقف، انظر كيف يتفاعل معه بعض المسلمين الشيعة.. والحج موقف، انظر كيف يتفاعل معه المسلمون عموماً.. مباراة كرة القدم موقف، انظر كيف يتفاعل معه المشجعون.. ففرح طرف هو حزن لطرف آخر ... وهكذا.
3. الأمر الآخر هو أن الناس تتخذ مواقفها أو قراراتها بناءً على الصورة التي انطبعت في أذهانهم عن ذلك الأمر، سواء كان قضية أو شخصاً أو مكاناً أو شيئاً.. من هنا يحاول مسوقو الأفكار والسلع أن يغرسوا صورة تخيلية مسبقة عن ذلك الأمر حتى يمكنهم التأثير على قرارات المتلقين من مستهلكين وجمهور عام.
4. في بناء التصوّر لا بد من معرفة أن الإنسان كائن عاطفي لديه كبرياؤه وتحيزاته وهمومه وأهواؤه.. والناس عموماً أسرى لاحتياج غريزي وهو إثارة الإعجاب ولَفْت الانتباه.. فالقضية ليست دائماً المصلحة المالية.. الأمر الآخر لا بد من معرفة أن الإنسان كائن فاضل في أصله وحسب طبيعته ويرغب في أن يكون كذلك.. من هنا فإن مخاطبة الناس من هذه الزاوية - أي مخاطبة الفطرة الطيّبة فيهم - يكون ذا تأثير هائل على فهمهم وسلوكياتهم وتجاوبهم.
5. يرى (كارنيجي) أن أسلم طريقة للوصول إلى الناس والتأثير فيهم ليست مجادلتهم ومحاولة إقناعهم عقلياً.. فالإنسان كائن عاطفي في الأصل.. والأصح في هذه الحالة هو الحث ومخاطبة الطبيعة الفاضلة فيهم.. وإشعارهم بأهميتهم وحيوية دورهم في العمل أو الاشتراك في الفكرة التي تحاول تسويقها.. وهذا لن يتحقق إلا بالاهتمام بالآخرين اهتماماً صادقاً.. وتنحية اهتماماتنا الشخصية جانباً في سبيل الوصول إليهم وبناء الصورة المتخيلة لديهم عمَّا نريد إيصاله لهم.
6. ويرى علماء السلوك عموماً أن الآخر أياً كان جنسه ومهما كان مستواه التعليمي أو الفكري لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق إظهار التواضع.. وهذا أمر عاطفي لا عقلي، فلا يكفي أن تثير إعجابه حتى تؤثّر فيه، بل أن تصل إلى قلبه لتؤثّر فيه.. فالناس ربما تقتنع بأمر عقلي لكنها لا تتحرك إلا لأمر عاطفي.. كما أن البشر يحسون فوراً بأية مشاعر لديك تجاههم أو تجاه أفكارهم أو أصولهم أو ثقافاتهم أو عاداتهم.. وهذا سوف يدفعهم فوراً إلى أن يبادلوك ذات الإحساس.
7. لا يمكن لأحد أن يجبر أحداً آخر على رؤية شيء ما بالطريقة التي يراها هو بها.. أو أن تفرض فكرتك أو تصوّرك عليه.. أو تجعله يؤمن برأيك أو يخاف من الكوابيس التي تخيفك.. أو يهمه أن يدعمك في تحقيق أحلامك وطموحاتك.. بل إن الحقيقة هي أن الشخص لا يحب الإنصات للآخرين مهما علا شأنهم أو مهما بلغت درجة اهتمامهم بأمره.. لذلك عليك أن تحتال لتصل إليهم وتبني الصورة التي تريدها لديهم.