د. محمد بن عبد الله المشوح
في الثَّاني والعشرين، من شهر ذي القعدة، من عام ألف وأربعمائة واثنين وعشرين للهجرة (22-11-1422هـ)؛ الموافق للخامس، من شهر فبراير، من عام ألفين واثنين للميلاد (5-2-2002م)؛
انطلقت أوَّل ليلة من ليالي ثلوثيَّة مُحَمَّد المشوَّح، كانت الطُّموحات مرتفعة، والآمال عاليَّة، يلاحقها تحديَّات ومعوِّقات، لكن ثَمَّة أهداف لا محيد ولا مناص عنها ومنها، في طليعتها استمراريَّة الثُّلوثيَّة توقيتًا ومنهجًا، فبذلتُ مع أبنائي وأُسرتي وجمع من الأصدقاء والزُّملاء غايَّة الجهد وأقصاه، من أجل تحقيق تلكم الأهداف، فكان توفيق الله هو طوق النَّجاة في ذلك.
فدعت الثُّلوثيَّة الأعلام والعلماء والمثقَّفين والأدباء، ورجالات الدَّولة والوزراء والسُّفراء، فكانت بحمد الله طيفًا متعددًا في مرورها على المحتفى بهم من الشَّخصيَّات في أرجاء خارطة وطننا الغالي الكبير الـمَملكَة العربيَّة السُّعوديَّة بمناطقها ومدنها وقُراها.
وفي هذه اللَّيلة القمراء - بمناسبة تكريمي في منتدى ثلوثية بامحسون- أتوقَّف عند الشُّكر والتَّقدير إلى مقام خادم الحرمين الشَّريفين؛ الملك سلمان بن عبدالعزيز -حَفِظَهُ اللهُ- الَّذي لا أنسى كلماته المشجِّعة عند انطلاقة الثُّلوثيَّة؛ حيث كانت هي المحفِّز، وهي الوقود الأكبر في مؤازرة وتأيِّيدٍ من قيادتنا الرَّشيدة لكل عمل بنَّاء خصوصًا يخدم العلم والثَّقافة. وليس ذلك بغريب، وهو ملك الثَّقافة والتَّاريخ.
كما أرفع شكري وتقديري لمقام سموِّ وليِّ عهده الأمين، الأمير مُحَمَّد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ الَّذي تشهد السَّاحة الثَّقافيَّة السُّعوديَّة حراكًا منه غير مسبوق، متناغمًا مع رؤيَّة المملكة 2030، ودعم سموِّه الكريم لمرافق وأجنحة الثَّقافة المتعدِّدة الخاصَّة والرسميَّة.
والشُّكر موصول لسموِّ وزير الثَّقافة؛ الَّذي قدَّم للثَّقافة والمثقَّفين مبادرات لا تتوقَّف دعمًا وتشجيعًا لمحضن الثَّقافة العربيَّة الكبرى المَملكَة العربيَّة السُّعوديَّة.
أما أخواي الفاضلان، الدُّكتور عمر بامحسون والشَّيخ عبدالله باحمدان، فقد غمراني بهذا الفضل والتَّكريم، الَّذي أجزم بلا تردُّد أنَّ هناك من الزُّملاء من أصحاب المنتديات والأدباء من قام بمثل جهدي وأكثر وأكبر، إلا أن حسن ظن الشقيقة ثلوثية عمر بامحسون كان الدافع وراء ذلك كُلَه.
والشُّكر موصول للأصدقاء، أستاذنا الكبير الدُّكتور مُحَمَّد الرَّبيِّع، والأخ الدُّكتور الفاعل عبدالله بن عبدالرَّحمن الحيدريّ، والزُّملاء أعضاء هذه النَّدوة المباركة.
شاء الله أن يكون موعد هذه اللَّيلة لا يبعد سوى أيَّام قلائل عن الموعد الَّذي رحل فيه قبل ما يزيد على أربعين عامًا؛ والدي -رَحِمَهُ اللهُ-، الذي زرع في نفسي منذ صغري محبة العلم وصحبة العلماء والأدباء ثُمَّ والدتي الَّتي رحلت قبل عام، والتي كانت مدرسة تربوية وعلمية كبرى بكل تفاصيلها، فلهما منِّي صادق الدَّعاء والثَّناء على ما أسدا إليَّ من معروف في هذه الدُّنيا، فلهما الفضل الأكبر والأوَّل بعد الله -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى-.
ثُمَّ أشكر في هذا المقام أسرتي وأبنائي وبناتي الَّذين كانوا دومًا خير عون لي بعد الله في استقبال الضُّيوف وتقديرهم والاحتفاء بهم، والقيام بالواجب المناط عليهم وتجاههم.
سعت الثلوثية إلى القيام بمسؤوليتها المناطة في نشر الثقافة، والإسهام في نشر الأدب والثقافة والاحتفاء بأعلامها، واتخذت لهذا الغاية عملاً مؤسسيّاً قائماً على رؤية واضحة، وأهداف محددةً، تتلخص في:
1- السعي إلى تقديم وإعطاء الحضور زادا معرفياً وثقافيا سهلاً، وعمارة المجالس العامة بتلك الفوائدِ والقلائدِ التي ينثرُها الضيوفُ خلال حواراتهم ونقاشاتهم.
2- بث روح الحوار وتقريب وجهات النظر المتباينة حول بعض الرؤى والطروحات وتعويد الأجيال الناشئة على حسن الاستماع إلى الآخر.
3- إشاعة روح الحراك العلمي والثقافي خصوصا بين المثقف والشباب من خلال اللقاء الشخصي المباشر المفتوح في جو تسوده روح الود والنقاش العلمي المؤصل، وإبعاد أوهام الحساسية والندية والانكفاء.
4- الإسهام في التعريف بما تعيشه المملكة العربية السعودية من نهضة علمية وفكرية وثقافية وحضارية شاملة، خصوصا في الإنتاج الأدبي والثقافي والفكري وانتشار الكتاب وشيوع المكتبات.
5- تأكيد الحضور المثمر الفعّال في شتى المناسبات الوطنية التي تعيشها بلادنا المباركة والمشاركة فيها، والعمل على تفعيلها والإفادة منها، خصوصا لشرائح المجتمع المثقفة.
6- لفت نظر المهتمين إلى عدد من المبرزين في العلوم الثقافية، والاحتفاء بإنتاجهم وتكريم جهودهم وتقديرها، وخصوصا جيل الرواد الكبار.
وبلغ عدد الشخصيات التي احتفت بهم الثلوثية ما يزيد عن مائة وثمانين شخصيةً علميةً وأدبيةً وثقافيةً واجتماعيةً.
وفي الختام فإنَّني أكرَّر الشُّكر والتَّقدير للإخوة الحضور من الأصدقاء والأقارب والزُّملاء الَّذين غمروني بحضورهم ومشاركتهم ومباركتهم تكريمي.
وعلى رأسهم معالي شيخنا الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد حفظه الله ومتع به، الذي قطع الكثير من مشاغله لحضور هذه الليلة مع تلميذه وأخيه.
القلب يهتف للجميع محبة وإخاء وتقديراً
وهنا أتمثل قول حافظ إبراهيم:
شَكَرتُ جَميلَ صُنعِكُمُ بِدَمعي
وَدَمعُ العَينِ مِقياسُ الشُعورِ
لِأَوَّلِ مَرَّةٍ قَد ذاقَ جَفني
عَلى ما ذاقَهُ دَمعَ السُرورِ
وكما قيل:
إن قلت شكراً فشكر الله لا يوفيكم
حقاً سعيتم فكان السعي مشكوراً