(الشعر العربي المعاصر بين جملة الأدب وجملة الثقافة) كتاب صادر عن دائرة الثقاقة بالشارقة، ضمن رسائل جامعية، للباحثة د. زينب عيسي الياسي. إذ تسعي من خلاله إلى معالجة إشكالية في جدل العلاقة بين الأدب والنقد خلال الفترة الزمنية الممتدة من العصر اليوناني الى عصرنا هذا. يلعب هذا البحث دورا كبيرا في المناقشة حول قضية الإبدال والمتغير الفني والنقدي، كيفية التعامل مع صيغ الإبدال والمغايرة، وتبيين تفاعل بين الأدب والنقد. تأتي الباحثة أن التحول النقدي والفني العام يحتاج إلى دراسة ترسم مسار المتغير بأدواته ورؤاه الفكرية بغية الكشف عن جملة الثقافية التي يقترحها النقد الثقافي عوضا عن جملة الأدب.
جاء الباب الأول، بعنوان: (بين النقد الأدبي والنقد الثقافي) وفيه فصلان الأول بعنوان: (جدل المتغير النقدي والإبداع وتعاقب الأزمنة)، حيث تجد ظهور المتغير النقدي منذ زمن اليونان إلى العصر الحديث المعاصر، وأساس أسئلة نشأة النقد في كل مرحلة بشكل جيد مقارن بالأدب الأوروبي. أما فصل الثاني وكان بعنوان (جدل النقد الأدبي والنقد الثقاقي) وقد تمظهر آثار ظهور النقد الثقافي بصفته بديلا عن النقد الأدبي جدلا واسعا في الأوساط الفكرية والنقدية وما يناقش به الباحثون والدارسون. تأتي فيه مفهوم النقد الثقاقي وبيان مقاييس اللغة والقيم وآلياته.
بينما جاء الباب الثاني بعنوان: (الشعر العربي المعاصر إشكالية الإبداع المغاير وأثره في الجملتين الأدبية والثقافية). وفيه ثلاثة فصول، لكل فصل له مباحث . نرى عناوين الفصل فيه (مراحل تشكل المدارس الأدبية)، (روافد المغايرة في الشعر العربي المعاصر)، (تجليات المغايرة في الشعر العربي المعاصر)، من خلال هذا الباب تأتي للحديث عن الروافد التي تؤسس بها لموضوع المغايرة التي حطت في الأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص، الغرب له دور في طرحه المغايرة.
فجاء الباب الثالث الأخير بعنوان: (الشعر العربي المعاصر وجملة المتغير) وقد ألقت الباحثة الضوء في هذا الباب على عناصر المتغير الفنية والموضوعية بمستويات حضور المتغير نفسه في الشعر العربي المعاصر، حيث تعبر الباحثة أن النص الشعري المعاصر من حيث الشكل خروجا عن المألوف الشعر العربي وقد يجعل الشاعر المعاصر لا يكتفي بالجملة الأدبية المألوفة الخاضعة لتشكيل لغوي وبلاغي بل يراهن على التنوع والمغايرة وذلك تبينه بذكر الأمثلة من الأشعار.
ترى الباحثة زينب الياسي أن ما يحتاج الخطاب الشعري هو البحث عن ثقافته وليس بلاغته بذلك جاء النقد الثقافي الذي يحاول البحث عن الأنساق الثقافية.تبين الكاتبة تغيرات في النقد بصفة عامة بصيغة الجدل والشعر بصفة خاصة في العصور منذ العصر اليوناني إلى النقد العربي الحديث المعاصر. توصلت الباحثة إلى أن الجملة الثقافية في هذه المرحلة الواقعية المعاصرة صيغة إبدالية تغايرية مع ما هو سائد ومألوف في العرف النقدي والأدبي. تؤكد الباحثة على أن الشعر الحداثي تحضر صيغة ابدالية كاملة، صيغة مغايرة تامة تقتلع الجذور الثقافية والفكرية الماضية، كما تشير الى أن الرؤيا الإسلامية في الشعر العربي المعاصر صيغة إبدالية تمتلك البعد الرؤيوي الشمولي لمفردات الكون.
** **
د. ناصر الأنصاري - باحث في قسم اللغة العربية - جامعة كاليكوت - الهند