د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** ابتدأَ العدُّ التنازليُّ لافتتاح أضخم مؤتمر إداريٍ عالميٍ كان قد تقررَ عقدُه في معهد الإدارة بالرياض عام 1995م؛ فلم يبقَ سوى شهرين حين أُبلغنا – رؤساءَ لجانِ المؤتمر – بتحويل وجهته من الرياض إلى دبي، وبالفعل فقد سافرنا إلى هناك قبل شهرٍ من موعد افتتاحه، ووصلنا الليل بالنهار كي يظهرَ العملُ وفق تخطيطِ المعهد وتنظيمه، متسقًا مع ما بُذل في سبيله على مدى ثلاثة أعوام منذ إقرار الرياض مكانًا له في مؤتمر عام 1992م، واكتمل ذلك بتعاونٍ جيدٍ مع الإخوةِ في الإمارات بالرغم من ضيق الوقت الفاصل بين نقله واستهلاله، وضخامة متطلباته فنيًا وإجرائيًا إداريًا ومكاتباتٍ وترتيباتِ سفرٍ وإقامةٍ وسواها.
** جرت الأمور وفق ما قدّرت إدارةُ معهد الإدارة، ونجح المؤتمرُ بإشراف المعهد الدوليّ للعلوم الإدارية، ومقره باريس، International Institute Of Administrative Sciences واتُّفق على استضافة الصين المؤتمر التالي 1998م، وأشاد الإعلامُ بتميز تلك الدورة، أما نقله فله حديثٌ آخرُ من آخرين لو شاءوا روايته للتأريخ توثيقًا لحدثٍ مهمٍ في ظروفٍ مختلفة.
** كنَّا – رؤساء اللجان ومعاونينا في مهامنا من زملائنا السعوديين – فريقَ إنجازٍ منسجمًا، ووصل بيننا ذلك الشهرُ بعلاقاتٍ جميلةٍ، وتكثفت لقاءاتٌ منتظمةٌ خارجَ مساحةِ العمل الرسميِّ، ووقتها كان صاحبكم رئيسًا للجنة الترجمة والطباعة في المؤتمر، ومما يعتزُّ به تعاقدُه مع مترجمين «فوريين وكتابيين» أكفياءَ للغات العربية والإنجليزية والفرنسية باتفاقٍ مع البنك الإسلاميِّ للتنمية بجدة وقت رئاسة الأستاذ أسامة فقيه، غير أن المتنَ ينتهي بإنجاز وقته فتبقى الهوامش مددًا للذاكرة، وفيها مواقفُ جميلةٌ لعلَّ أطرفها نصٌ « عاميٌ» ابتدأه الصديق الأستاذ يوسف بن محمد القبلان الأمينُ العام للمؤتمر آنذاك ببيتٍ لطيفٍ أشار فيه إلى اسمي مديرة المعهد الدولي وفندق الإقامة:
وين انت يا اللي تبي «سانت جورجْ»
ترى الوعدْ عند «تركية»
** رمى أبو خالد بيتَه علينا ومضى فوجد صاحبكم نفسه مأخوذًا بجمال مبناه ومعناه فأكمله بعشرين بيتًا أو تزيد، يذكر بعضَها، وتضمنتْ توصيفًا طريفًا لحالتنا، ومما بقي في ذهنه:
لدْبيّْ جينا وحنا فوجْ
شلةْ جماعة «ازقرتيةْ»
ما بيننا واحدٍ ممجوجْ
بس المتاعبْ ضرورية
تلقى لك بها السفر مرجوجْ
بالفعل واحدْ على ميّة
اللي يخالفْ ترى مسهوجْ
شبهْ المصلي بلا نيةْ
يا صاحبي شف هدير الموجْ
واذكرْ زمان الخلاويةْ...
** نسيَ أكثرها، وهي «خربشةٌ حلمنتيشية»، وكانت نصًا مفتوحًا أمام الزملاء للإضافة والتعليق والابتسامات، ولكل زميلٍ بيتٌ خاصٌ به، وقال فيها عن نفسه:
والتركي همّه «ألان» أو «جورج»
يبي التراجمْ بفوريةْ
ولم تخلُ من حكمٍ عابرةٍ، ومنها شطرُ بيتٍ ختم به النصّ ولا يدري لماذا:
(لا تامنْ الذيبْ والحيّة..)
** تجيءُ مثلُ هذه المناسبات فتحفزنا لتوثيقها بعيدًا عن الرسمية لتخفيفِ معاناةٍ، أو لتحفيز ذاكرةٍ، أو لتخليدِ مواقف، وفي تجربته نماذجُ أخرى فصيحةٌ وعاميةٌ ومختلطةٌ مع اللغة الإنجليزية فلعله يستدعي شيئًا منها في إمضاءٍ قريب بعون الله.
** المتعةُ صفاء.