ابن حضارة النهرين وسليل أمجادها. تحصن بروح الأسطورة السومرية المتجذر بالمعرفة التاريخية فرسمت ملامح طفولته.
وريث عائلة ربها من وجهاء وشخصيات المدينة، الذين قاموا بدور علمي وتربوي في تعليم القرآن الكريم حفظا وتلاوة، وكان يطلق تسمية ربيع القلوب على كتاب الله العزيز، عاش صباه بمدينة الناصرية، التي هي الامتداد لبقايا مدينة (أور) السومرية التي ولد وعاش وترعرع فيها النبي إبراهيم، عليه السلام، كما تشير بعض المراجع. المدينة التي تنام على شاطئ الفرات الذي يرتفع بسد رملي لمنع الفيضان فيها. وإن كان لم يُعرف على المستوى العربي أو ورد اسمه متأخرًا - للأسف الشديد - فذلك لظروف تعسفية تعرض لها بعض الأدباء والشعراء من نظام سابق؛ أدى نتائجها لقطع وشائج الصلة بين الحركة الأدبية خارج العراق.
اليوم يحل علينا مدرس نظريات الأدب، ومحلل النصوص الشعرية، والدراسات القصصية والروائية؛ وسط لفائف محفوفة بوشائج من المحبة وكرم وضيء بالتقدير نستقبل به الناقد والقاص البروفسور (مصطفى لطيف عارف).
والدي يمتلك مكتبة وأخي علمني قراءة (مجلات الأطفال)
وفي استهلال حديثه قال أ. د. مصطفى عارف: كان والدي يملك مكتبة كبيرة تضم أمهات الكتب والتفاسير والدواوين الشعرية والروايات العالمية والعربية في مرحلة الدراسة الابتدائية، وكان أخي الأكبر «الدكتور علي» يعلمني قراءة مجلات الأطفال كـ(مجلتي والمزمار)، وعند انتقالي لمرحلة المتوسطة ازدادت مطالعاتي وكانت أول قصة قرأتها هي (الشبح المحارب) وغيرها من القصص التي يدركها عقلي، وكان أستاذي شوقي الطعان، يقرأ لنا شعر الشاعر الكبير نزار قباني في نهاية محاضرته.
أما أول مكتبة اشتريتها فمن الاستاذ فاروق السامرائي، رحمه الله، وتضم بين طياتها مجموعة كبيرة من الكتب النفسية والاجتماعية والنقدية والفلسفية، وكنت أعشق التاريخ في بداية حياتي إذ قرأت تاريخ الطبري ومجموعة كبيرة من الكتب والموسوعات التاريخية، حدث تطور كبير في حياتي - قبل ذلك - عندما دخلت إلى مرحلة الإعدادية وتعرفت على أستاذ للغة العربية في الناصرية المرحوم أ. حسين عبد الرؤوف الخليل الذي جعلني أعشق اللغة العربية، وفتح قلبه وبيته ومكتبته على مصراعيها وأهداني كتابه في الأدب العباسي للدكتور محمد مهدي البصير، إذ عشقت الأدب العباسي. وكان يقرأ لنا في المحاضرة بعض اشعار نزار قباني، وما زالت قصيدة «بلقيس» عالقة في ذهني، مما ولَّد لدي القدرة على قراءة الشعر وتذوقه قبل الدخول إلى الكلية، وفي الامتحان الشفوي يسألنا عن اخر كتاب اطلعنا عليه. فيما الكتاب الوحيد الذي استعرته (الإمام علي أسد الإسلام وقديسه) روكس بن زائد العزيزي، لعدم توافره في المكتبات مدة الثمانينيات.
ثلاثية حسين وأشعار عبد الصبور والجواهري
وأضاف: وإذ لا أعتقد أن هناك عشرة تفوق عشرة الكتاب، بدأت مع قصص دستوفسكي وتيشخوف وترجنيف وغوغول وتولستوي وجوركي وأشعار بوشكين وما يكلوفسكي من الروس، ومسرحيات شكسبير وبرنادشو، وقصص ديكنز من الانكليز وقصص فكتور هيجو بلزاك، ومسرحيات راسين وكورني وموليير، وأشعار لويس اراغوان وبول ايلوال من الفرنسيين، وأشعار غوته وشيلر من الألمان، ومن الأمريكان قصص همنغواي ومارك تويمي وجونشتايف بك، وكتب طه حسين وقصص نجيب محفوظ وخصوصا الثلاثية (بين القصرين وقصر الشوك والسكرية)، وأشعار صلاح عبد الصبور وأشعار الجواهري والسياب وسعدي يوسف وبلند الحيدري ومظفر النواب وقصص غائب طعمه فرمان، وذنو النون أيوب وفؤاد التكرلي وعبد الملك نوري, وعبد المجيد لطفي وعبد الحق فاضل وادمون صبري.
وفي مرحلة الكلية اعتمدت على الكتب النقدية والفلسفية كل مؤلفات الدكتور علي الوردي وادونيس محمد الماغوط وشوقي عبد الأمير، وكل أشعار وكتب نازك الملائكة وشعر نزار قباني وأحمد مطر وروايات فلاح رحيم، وكل كتاب نقدي أو رواية أو مجموعة شعرية أو قصصية تصدر على الساحة النقدية والأدبية العربية والعراقية والكتب المترجمة اطلع على كل نتاج صادر ؛ واليوم أملك «أكبر مكتبة» في مدينتي.
(الأماني) كتابي الأول
واستعاد الدكتور «عارف» تجربته الأولى في التأليف والظروف المصاحبة لتلك التجربة وما عقبها من الإصدارات قائلًا: أول كتاب ألّفته (الأماني) صدرت الطبعة الأولى منه عام 2003 والثانية 2004 والثالثة 2006، بعد أن نفدت كل نسخه، ولاقى رواجا منقطع النظير، وكتاب (رشيد مجيد حياته وشعره) مخطوط، وهو من جيل السياب، وكتاب (شعرية السرد عند شوقي عبد الأمير) مخطوط، ومجموعة قصصية محطوطة بعنوان (غبار الرفوف) ومعجم (شعراء الناصرية) مخطوط وسواها. ولدي أكثر من (40) بحثا منشورا في مختلف الجامعات العراقية وأكثر من (30) بحثا مقبولا للنشر في الجامعات والمؤتمرات العلمية، فضلا عن العشرات من الدراسات النقدية المنشورة في الصحف والمجلات العربية والعراقية وعشرات القصص الواقعية.
** **
- محمد هليل الرويلي