الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
عاماً بعد آخر تكشف الدراسات العلمية أثر الصيام على صحة الإنسان، وقد وجد العلماء أن إحدى الطرق التي تساعد في تثبيط أو كبح جماح الجهاز المناعي هي الصيام، حيث يستجيب الجهاز المناعي لأي تهديدات أو مسببات أمراض عن طريق إنتاج بعض المواد التي تسمى بالسيتوكينات، وعند مرضى الربو يتم إطلاق هذه المواد بكميات كبيرة وحتى من غير وجود أي تهديد، وذلك يسبب زيادة حدوث هذه الحالة بشكل كبير، ووجد العلماء «أن نسبة هذه الخلايا انخفضت بشكلٍ كبير في عينات الدم التي تم أخذها من بعض الأشخاص المصابين بالربو بعد قيامهم بالصيام لمدة يوم كامل».
ويشير الدكتور عادل بن عبدالتواب الشناوي استشاري الأمراض الصدرية بالرياض أن مرض الربو يعد أحد الأمراض المناعية التي تصيب الإنسان، كما يعد الصيام من الأمور الآمنة والتي يمكن لمرضى الربو القيام بها من غير أي خطر على حياتهم. وفي الحوار مع د. عادل الشناوي يكشف تأثير الصيام على مرضى الربو، وفيما يلي نص الحوار:
* هل دواء الربو يفطر؟
- يعد علاج مرض الربو في رمضان من الأمور الجدلية والتي اختلف العلماء حولها، فيعتقد بعض العلماء أن أجهزة الاستنشاق أو البخاخات لا تفطر بسبب طبيعة المواد الغازية التي تكون بداخلها، وفي المقابل يعتقد البعض الآخر أن هذه الغازات التي يتم استنشاقها يمكن أن تدخل إلى الفم وتترسب في الأغشية المخاطية وبالتالي يكون عملها مشابهًا للمواد الغذائية وتعتبر بذلك من المفطرات، ولكن يعد علاج الربو من الأمور المهمة جدًا ولذلك يمكن لمريض الربو استخدام هذه الأدوية في أوقات السحور والفطور وبذلك لا يبطل صيام الشخص ويستطيع إكمال علاجه بشكل آمن.
* يوجد هناك اختلاف بين العلماء في موضع ما إذا كانت أدوية علاج الربو تبطل الصيام أم لا، وهل من الممكن تعديل دواء الربو ليناسب الصيام؟
- يعد مرض الربو من الأمراض التي يجب علاجها بشكل مستمر لإبقاء هذه الحالة الطبية من غير أي أثر ضار على المريض ويمكن أن يكون ذلك من الأمور الصعبة خلال فترة الصيام، ولكن هناك بعض التعديلات التي يمكن القيام للمساعدة في أخذ هذه الأدوية خلال فترة الصيام، وهي كالآتي:
في تعاليم الدين الإسلامي يمكن للشخص قطع الصيام والإفطار وتناول الدواء إذا أصيب الشخص بحالة طبية طارئة تستوجب تناول دواء الربو لعلاجها والتخفيف منها، ويمكن للمرضى استخدام أجهزة الاستنشاق التي تؤخذ مرتين خلال اليوم، فيمكن استخدام هذه الأدوية في وقت السحور والفطور وبالتالي المحافظة على الصيام، ويمكن لمرضى الربو الإفطار وأخذ الدواء في الحالات الحرجة، وفي حال القدرة على الصيام يستخدام دواء الربو عند السحور والفطور لعلاج مرض الربو خلال فترة الصيام.
* والصيام لهؤلاء المرضى، ماذا يسبب لهم؟
- يسبب لهم الجفاف في الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي، مما يؤثر بشكل سلبي على قدرة مريض الربو على التنفس براحة، ولزوجة البلغم، أو البصاق، والذي قد يتسبب بدوره في إغلاق الشعب الهوائية، فضلًا عن عدم القدرة على إخراج البلغم من الصدر، مع زيادة تعرض مريض الربو لأزمات الربو. وعلى الرغم من السلبيات التي يفرضها الصيام على مرضي الربو، إلا أنه بإمكانهم الصيام بشرط الإكثار من شرب السوائل خاصة الدافئة منها على وجبتي السحور والإفطار، لمنع جفاف الأغشية المخاطية المبطنة للشعب الهوائية.
* وهل يمكن لمريض الربو أن يصوم؟
- نعم، مرضى الربو يمكنهم الصيام، خصوصاً إذا كان المرض لديه مستقراً والأعراض خفيفة؛ إذ إن مرض الربو من الأمراض التي تستفيد من الصيام من خلال تحسين كفاءة الرئتين وسعتهما، حيث إن الصيام يقلل نواتج الفضلات الغازية مثل: ثاني أكسيد الكربون مما يؤدي إلى تنشيط الرئة وعملها بشكل أفضل.
* وماذا عن مريض الربو الحاد؟
- الأزمة الحادة لمريض الربو هي حاله طارئة قد تستدعي أحياناً الذهاب إلى المستشفى وتركيب بعض المحاليل الوريدية، وكذلك تناول كميات كبيرة من السوائل وتناول الدواء على هيئه أقراص أو حقن، وفي هذه الحالة يجوز للمريض أن يفطر لتناول دوائه بشكل سليم ثم يقوم بتعويض هذه الأيام فيما بعد.
* وهل يصوم مرضى الربو من الأطفال؟
- نعم يصوم مرضى الربو من الأطفال ولكن بعد أن يقوم بمراجعة طبيبه لوضع خطه علاجية تعتمد على استخدام الأدوية التي لا تفطر مثل البخاخات، بينما تناول الأقراص في وقت الإفطار أو السحور والاستغناء عن الأدوية التي تؤخذ بالفم أثناء الصيام، ووفقاً لدراسة حديثه نُشرت في مجلة الصحة والصيام (Journal of Health and Fasting)، فإن الصيام لا يؤثر على أعراض الربو طالما تم تجنب المؤثرات والمهيجات المسببة للربو.
* وكيف يحافظ مريض الربو على صحته في رمضان؟
- يحتاج مريض الربو إلى اتباع بعض الإرشادات المهمة، لينعم بصيام الشهر الفضيل بأمان، وبدون التعرض لأزمات حادة.
* وما هذه الإرشادات؟
- ينبغي تجنب الأماكن المغلقة والمزدحمة، والتواجد في أماكن ذات حرارة مناسبة، وتجنب الإجهاد والتعب والإرهاق قدر الإمكان، وتجنب مصادر الأبخرة والدخان وأماكن التلوث، والهدوء وتجنب الانفعالات النفسية، وشرب السوائل الكافية، خاصة الدافئة، على فترات متقاربة لترطيب الجسم بين وجبتي الإفطار والسحور، وتناول الوجبات الصحية مع التركيز على الخضراوات والفواكه، والابتعاد عن الأطعمة الدسمة خاصة خلال وجبة السحور، والتقليل من البهارات والأطعمة الحارة في وجبات الإفطار والسحور لكونها ترفع مستويات مادة الهيستامين المثيرة للحساسية وأزمات الربو، وتجنب الأماكن الحارة والجافة في رمضان، والجلوس في تهوية مناسبة؛ وذلك لأن الحرارة والجفاف من شأنه تفاقم أعراض مريض الربو، وتجنب الإجهاد والإرهاق، والحصول على عدد كافٍ من ساعات النوم، والبعد عن التدخين والمدخنين تماماً، والبعد عن مصادر تلوث الهواء قدر الإمكان كعوادم السيارات، والأبخرة، والغازات، وغيرها، وتجنب الوسائد المحشوة بالريش، أو الصوف أثناء النوم واستخدام المنتجات القطنية بدلاً من ذلك مع الحرص على تهويتها جيداً، وتجنب الخروج في أوقات العواصف الترابية أثناء وقت الصيام، وتجنب الأماكن المزدحمة قدر الإمكان خصوصاً أثناء فترة الصيام، وتجنب الاحتفاظ بالحيوانات الأليفة داخل المنزل خصوصاً القطط والكلاب، وتناول الدواء بانتظام ووفق تعليمات الطبيب المعالج، وإبلاغ الطبيب إذا شعرت بتكرار أعراض الربو لديك وذلك ليقوم الطبيب بتعديل الخطة العلاجية لك، مع الاحتفاظ بالبخاخ الخاص بك معك دائماً في أي مكان تذهب إليه فربما تحتاجه فجأة وباستعماله تنقذ حياتك!
* وما الأطعمة التي ينصح بتناولها والتي يجب تجنبها؟
- تجنب تناول الوجبات الدسمة على الإفطار أو السحور وتناول بدلاً من ذلك وجبات صغيرة ومتكررة بين الإفطار والسحور، وذلك لتجنب عسر الهضم وامتلاء البطن الذي قد يحدث ويسبب ضيقًا بالتنفس، والإكثار من تناول السوائل أثناء السحور والإفطار خاصة المياه، وذلك ليصبح البلغم أكثر ليونة مما يساعد في سهولة إخراجه، وتجنب الجفاف، والابتعاد عن المواد الحارة مثل: البهارات والأطعمة الدسمة، لأنها تزيد من مادة الهيستامين وزيادة الحساسية في الجسم، وتناول طعام صحي متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية المهمة لبناء الجسم، والإكثار من الخضراوات والفواكه الطازجة، مع الإكثار من تناول الأطعمة المحتوية على فيتامين سي، لأنها أطعمة مضادة للأكسدة وتعمل على تقليل الالتهاب مثل: البروكلي، البرتقال، الفراولة، الكيوي، القرنبيط، وكذلك الليمون والجوافة، وتناول الأطعمة المحتوية على أحماض أوميجا 3 الدهنية مثل: السمك والسلمون والتونا، مع الحرص على تقليل تناول الأطعمة الجاهزة لما تحتوي من زيوت نباتية، وتناول الأطعمة المحتوية على الكاروتين مثل: الجزر، وتجنب تناول الأطعمة المحتوية على المواد الحافظة قدر الإمكان، لأنها قد تزيد من حدوث أعراض الربو لديك، ومحاولة التقليل من الأطعمة المحتوية على سعرات حرارية عالية؛ وذلك لأنها تعمل على زيادة الوزن مما قد يزيد حدة أعراض الربو، ويفضل طهي الطعام باستخدام زيت الزيتون لاحتوائه على أحماض الأوميجا 3 الدهنية، ويُنصح بإضافة الزنجبيل والكركم والروزماري والفلفل الأحمر كبهارات للطعام وكذلك الثوم والبصل، لأنهما أطعمة مضادة للأكسدة، وتجنب الأطعمة المملحة، لأن الطعام المحتوي على ملح قليل يحسن من وظائف الرئة.
* وما الأطعمة التي يمكن تناولها في وجبة الإفطار أو السحور لتقليل أعراض الربو؟
- في وجبة الإفطار يفضل تناول: السمك بمختلف أنواعه، خصوصاً سمك السلمون والتونة، خضار سوتيه، السبانخ والسلق، الفاكهة، مثل: الأناناس، والبطيخ، أو المشمش، وتناول سلطة خضراء تحتوي على الخس، والبقدونس، والفلفل الأخضر بالإضافة إلى زيت الزيتون، ويمكن تناول الكرنب الأخضر، شرائح الكبد، البطاطا الحلوة، الجمبري. أما بخصوص وجبة السحور فيفضل الإكثار من تناول: الطماطم والجبن، والفاكهة مثل: التفاح، العنب أو الكنتالوب، والبيض أو اللبن لاحتوائها على فيتامين د (ولكن بشرط عدم وجود حساسية لها من المريض)، كما يمكن تناول الزبادي، والمكسرات، مثل: جوز الهند، ويمكن تناول قطع من الجزر، كوب من الشاي أو القهوة.
* وهل هناك ممارسات معينة يمكن القيام بها لعلاج الربو أثناء فترة الصيام؟
- يمكن أن يكون صيام شهر رمضان من الأمور الصعبة عند مرضى الربو بسبب طبيعة هذا المرض، ولكن هناك بعض الممارسات التي يمكن القيام نها لتخفيف عبء هذا المرض في هذه الفترة، وأهم هذه النصائح والممارسات ما يأتي:
يجب على المرضى طلب المساعدة الطبية عند الإحساس بزيادة سوء أعراض الربو خلال فترة الصيام، ويجب على المرضى حمل بخاخ الربو معهم في جميع الأوقات وذلك لاستخدامه عند الحاجة حتى لو أدى ذلك لكسر الصيام، والتحدث إلى الطبيب المختص حول استخدام البخاخ في فترة الفطور والسحور ومدى فعالية ذلك في حالة المريض، وشرب كميات كبيرة من السوائل قبل البدء بالصيام.