رمضان جريدي العنزي
مهما كنت صادقاً ونظيفاً وأميناً، مهذباً ومتواضعاً، وفياً ونبيلاً ونقياً، صاحب إيثار ومبادرة ومواقف إنسانية عظيمة، وبر وإحسان وعطاء، وصاحب خلق عالٍ، وسلوك حسن، وتعامل راقٍ، سوف تجد من يتكلم بك، وينتقص منك، ويعاديك ويلصق بك التهم الجزاف الكبيرة والصغيرة، يحاول أن يؤذيك ويسقطك ويصدك ويشوه سمعتك، رب العالمين جل جلاله، وتقدست أسماؤه، لم يسلم من ألسنة الناس، فقالوا عنه: ثالث ثلاثة، ونسبوا له الزوجة والولد، وبأنه فقير، ويده مغلولة، وخير البشر صلى الله عليه وسلم لم يسلم من ألسنة الناس أيضاً، فقالوا عنه: ساحر ومجنون ومنجم وشاعر، وكذا الصحابة لم يسلموا أيضاً من ألسنة الناس، فسبوهم ولعنوهم ووصفوهم بأبشع الصفات وأقبح المسميات، العلماء والمفكرون وأصحاب العطاء وأهل الخير والصلاح وعباد الله الصالحون، لم يسلموا أيضاً من ألسنة الناس، فقالوا فيهم الذي ليس فيهم، وقولوهم الذي لم يقولوه، إن التناقض والكذب والبهت الذي عليه ألسنة بعض الناس الذين لا خلاق لهم ولا صدق ولا أمانة، ديدنهم الواضح الجلي والبائن، حين يمدحون يبالغون في المدح حد الأسطورة، ويحين يهجون يصبون جام غضبهم بنحو لا يبقون شائنة أو نقيصة إلا ويلصقونها بمن يهجون، وهنا الظلم الفاحش، والاضطراب الكبير في السلوك والأخلاق والكلام، إن المسار الصحيح للإنسان السليم القويم لا بد أن يكون مطابقاً للموازين الدينية، والمواصفات الإنسانية، وبعيداً جداً عن الوقوع في فخاخ وشباك الانفعالات النفسية، والأهواء الشخصية، والأحابيل الشيطانية، إن الإنسان العاقل الحصيف يعامل الناس بالحسنى، ويمارس معهم الصدق والحقيقة، من عدل وإنصاف ونبل ونقاء وتسامح ومحبة ورحمة ومحاسن أخلاق وقوام سلوك، ولا يهمه بعد ذلك ما يقوله الناس عنه، ولا يبالي بكلامهم، لكي يرتاح عقلاً وبالاً، ويعيش السلام الروحي والعقلي، بعيداً عن منغصات الأهواء، وموبقات الكلام.