عثمان بن حمد أباالخيل
تطفّل الإنسان على الآخرين وتطفّل الأشجار على بعضها يرتويان من الكأس نفسه ويأكلان من الطبق نفسه، إنه عالم خارج عن المألوف وعن الاعتماد على النفس. التطفّل بين الناس ليس مشكلة دوله دون أخرى، إنها مشكلة كل البشر الذين يعيشون على الكرة الأرضية. والتطفل اشتغال المرءِ أو تدخله فيما لا يعنيه وهذا إنسان فضولي. وهناك نباتات متطفلة لا تنبت في التربة كما بقية الشجر، ولكنها تتخذ من أشجار معينة منبتاً لها وتتغذى منها، فكأنها تتطفل في غذائها وتأخذه بالتطفل. الفرق بين الإنسان والأشجار الإحساس، الإنسان يشعر ويحس بما يقال، لكن لا يهتمْ بما يقال، أما الأشجار فهي ترتوي وتتمتع بالتطفل.
لا شك أنّ ظاهرة التطفّل في مجتمعنا كغيره من المجتمعات لا حدود لها وهو مرض يصيب من يعاني الفراغ الداخلي ونقص يسعى لملئه بأي شيء على حساب الآخرين وهذا ينطبق على كافة طبقات المجتمع ومكوناته. إن ظاهرة التطفل مرفوضة دينيّاً واجتماعيّاً، فهي تؤجج المشكلات وتفرّق بين الناس وتدعو إلى العزلة. من أشكال التطفّل وهي كثيرة: «ما شاء الله، وش عندكم الليلة، على وين العزم يا جار؟»، ما شاء كم راتب ولدكم اللي عين جديد، يقولون جاء عريس لبنتكم العانس، حضور مناسبة الزواج دون الدعوة، تحادث شخصاً فيأتي شخص آخر من غير دستور فيرهف السمع، يقولون ولدكم المريض معه سرطان هل هذا صحيح؟ سمعت من الجيران يبي يجي عريس يشوف بنتكم، من صاحب هذه السيارة المرسيدس الواقفة أمام بيتكم».
وما يغضب ويزعج التطفل الإلكتروني في كل الطرق للوصول لهدف الاختراق وهذا يعد عملا غير مشروع قانوناً بمعني تطفل وهدفه الوصول إلى محتوي الجهاز المحمول أو الحاسب الآلي أو أي وسيلة تواصل واتصالات والاطلاع على المحتوي بهدف التطفل. فالمتطفلون تفكيرهم محدود ومنغلق ولا يشعرون بالقيم الأخلاقية المعاصرة ولا يستشعرون المبادئ الإنسانية الراقية ولا يتماشون مع التطور الحضاري وهذه مأساة من يعيش حالة التطفل. لماذا المُتطفلون يعيشون تتبع الآخرين والاطلاع على أسرارهم والتلذذ في ذيعها ونشرها وتعكير صفو أهلها يا له من أسلوب غير حضاري.
لن نستطيع الغوص في مشاعر الناس، ولا نحكم على الناس من ظاهر سلوكياتهم، وعلينا أن نضع حدوداً لتصرفاتنا، وفيما يتعلق بخصوصيات الآخر، علينا جميعاً أن نرفض التطفّل بكل أشكاله وألوانه ولا نحترم الإنسان المتطفل الذي يعيش على التطفل ويراه عالماً فسيحاً من إرضاء نفسية المتطفل. وكم من إنسان متطفل قلب الموازين وغير الاتجاهات من خلال نشر أسرار وخصوصيات الآخرين. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (من حسن إسلام المرء، تركه ما لا يعنيه). وكما ورد في حكم العرب (ألا تسأل عما لا يعنيك، كي لا تسمع ما لا يرضيك).
وفي الختام تطفل الإنسان وتطفل النباتات، كلاهما مؤذيان، فهدف الأول التدخل في مشاعر وأسرار الآخرين وهدف الثاني البقاء على قيد الحياة على حياة الآخرين. مواجهة المتطفلين وصدهم والابتعاد عنهم هذا هو الأسلوب الصحيح للإجابة على كيف نتعامل مع المتطفلين؟ كفانا الله المتطفلين وأبعد الله عنا شرورهم ومكرهم وأهدهم إلى تعاليم الإسلام والقيم الإسلامية.