هلّ علينا شهر الخير شهر رمضان شهر البركة والرحمة والعتق من النار موسمٌ عظيم من مواسم العبادة التي ينتظرها المسلم كل عام هذا الضيف العزيز على نفوسنا، ننتظره بفارغ الصبر أحد عشر شهراً، جعلنا الله وإياكم من عتقائه من النار، من صامه إيماناً واحتساباً وقام لياليه وأحيا أوقاته بالذكر والدعاء وقراءة كتاب الله القرآن الكريم فقد كسب وأفلح بإذن الله، ومن فرط فيه فقد خاب وخسر، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
شهر فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وأنزل الله فيه القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وشهر انتصر فيه المسلمون في جميع غزواتهم ومنها غزوة بدر الكبرى وفتح مكة في 21 رمضان عام 8هـ وفيه تم فتح الأندلس عام 91هـ وفيه انتصر المسلمون على التتار في معركة عين جالوت عام 658هـ وفيه انتصر العرب على اليهود في 10 رمضان عام 1393هـ، إنه شهر خير وانتصارات للمسلمين في كل الأزمان.
ماذا أعددنا لهذا الشهر الكريم وبماذا استقبلناه؟
نعم عندما يهل رمضان يجدنا مستعدين له تمام الاستعداد ولكن هل بالعبادة والدعاء وقراءة القرآن والصيام والقيام أم بماذا؟ إن استعدادنا الأكثر هو في جلب الأطعمة والكماليات...
فقط يهرع الكل رجالاً ونساء إلى الأسواق والشراء بالجملة وليس القطاعي ويشترون منها ملء أعينهم وكل شيء وبعدها يذبحون الذبائح وتملأ الفريزرات باللحوم ويتم تصليح المكيفات وتركيب الهوائيات وترى الشباب يسهرون حتى طلوع الشمس بلعب الكرة في الميادين والتجول في الأسواق والتفحيط بالسيارات. والآباء فحدث ولا حرج تجدهم في منازلهم مع الفضائيات التي تزداد فتنة ودلالاً مع قدوم رمضان وطبعاً مع سبق الإصرار والترصد. ولا تنسوا المسابقات المليونية ليلنا كله سهر ونهارنا كله نوم والعياذ بالله...
أحبتي في الله، لا يوجد عذر للمسلم الذي حضره شهر رمضان، شهر التوبة والغفران، ولم يتب توبة نصوحاً ولم يستغفر الله غفار الذنوب. هل يوجد عذر لمن حضره رمضان ولم يدخل الجنة ويُعتق من النار؟! من يضمن لنفسه البقاء حتى رمضان القادم حتى يتوب ويستغفر؟ ومن يضمن لنفسه إكمال هذا الشهر بل من يضمن إكمال اليوم الأول منه لذلك علينا أن نغتنم هذه الأيام بالصيام وقراءة القرآن والاستغفار والتوبة النصوح والله يحب التوابين.
إنه شهر الصيام بالنهار وقراءة القرآن وإقامة الصلاة وصلة الأرحام وهو شهر الصدقات والطيبات والإحسان إلى الفقراء واليتامى والمساكين والأرامل وزيارة المرضى وبر الوالدين والزوجة والأولاد والأقارب. جعلني الله وإياكم من المقبول صيامهم وقيامهم في هذا الشهر الكريم. والله من وراء القصد.