سؤال في سماء فكري، قلبي إليه نافذ، عقلي يرمي شباكه ليصطاده، فهوى كطائرٍ عند حرفي، يرتجف، خائفا
هدهدته، حتى اطمئن واستكنّ بعد أن طبطبت عليه كطفلٍ نثر دمعه مبتسما :
يا سعلي كيف أن تفرح أكثر ؟
ثم عاد إلى سمائه الثامنة هناك يترقّب !
لا أخفيك عزيز القارئ أن السؤال أربكني، شتتني بعثرني… هنا تذكرتُ قصيدة نزار قباني «يرحمه الله «في نصه مع الجريدة حيث يقول :
أخرج من معطفه الجريدة وعلبة الثقاب
ودون أن يلاحظ اضطرابي.. ودونما اهتمام
تناول السكر من أمامي
ذوب في الفنجان قطعتين.. وفي دمي ذوب وردتين
ذوبني.. لملمني.. بعثرني
عدتُ من تلاطم الأفكار في الإجابة، وكأنني مسافر لدنيا الإجابة في مملكة السطور، مدينة الحروف، وقفتُ تقريبا عند عاصمة الشعراء، فهم أقدر على استنطاق الجوامد كما يقول أحمد شوقي، فوجدت في خاصرة ذهني ما قاله الشاعر محمود درويش:
أستعيدُها وحينَ أسألُ ما هيَ السعَادة؟ لا تَلزمنَا بِغَير تَقدِيم الشُّكر للمُصَادَفَةِ . دونَ أنْ أعطسُ!
ثم مخرتُ عباب الكتّاب …غاندي:
السعادة هي عندما يتوافق فكرك وقولك وفعلك. تولستوي: واحدة من أول شروط السعادة، هي أن العلاقة بين الرجل والطبيعة يجب أن لا تُكسر.
جورج صاند: تضيع سعادة المرأة إذا كانت لا تستطيع أن تعتبر زوجها كأفضل صديق لها.
إسلام كريموف: لا يوجد سعادة بالنسبة لي أكثر من حرية موطني
بعد سفرتين، رحلتُ إلى كتّاب القصّة والرواية، قالت أحلام مستغانمي : اشتري أحذية لأحلامك، وستصبح كل الطرقات إلى الفرح سالكة.
واسيني الأعرج : شيء ما في المدن العربية يجعلها حزينة دوما حتى وهي أقصى حالات الفرح
رجعتُ آيبا خائبا من رحلة سفرٍ لم تشبع نهمي في كل هذا لسؤال إجاباته متعددة، ومشاربه كالطرق متعرجة وإن بدت معبّدة، وبعد أنخت إصبعي المتعب عند ملامحي صرختُ بالإجابة مسرورا، فكتبت أن تفرح أكثر هذا يعني : أن تكتب مطلعا لقصيدة، جملة أعجبتك من جريدة، حفلة لأيام رقصت، وفيها لحظات سعيدة، أن تدفن الحزن بشاهد وتنظر للأمل من شفق برق ورعود بعيدة، أن تفرح أكثر بخدٍ يلامس خدّ سطرٍ، فتكتب قصّة وليدة، أن تلثم فَمِ حرفٍ، وسُكّر الأحلام الوطيدة
أن تعيش لتكتب كل ما يجول بخاطرك، وعين القارئ تبتسم لأنك شاركته بأفراحك، وإن كانت عنيدة!
أن تفرح أكثر حين تأخذ فنجان قهوتك، وهيلها يطوف وتضعه في شفاة فاصلة حمراء، تذوب، ثم ترشف مكان لثمها بوشاح السعادة والأقدار السعيدة ….
صدقوني أن تفرح أكثر برواية أنت كاتبها وعليمها وشخصياتها، تبكي، ترقص، تفرح لأنك كتبتهم بلياليها الوئيدة، هنا رغم كل هذا أن تفرح أكثر ….
عاد ما يشبه الطير ربما الصقر هابطا من ثامنته ووضع وشاح الفرح على صدر ملامحي وكتب : الفرحُ أن تكتب أكثر فأكثر * * * *
سطر وفاصلة
شكرا يا أنتِ منحتِ أفكاري بوابة الفرح، ونافذ الأيام تطلّ تشير بأن أفرح أكثر، يا أجمل ثلاثة حروف أنتِ ياسُكّر الكلام، وقهوة الأيام، ورحلة السعادة.
** **
- علي الزهراني (السعلي)