خالد الغيلاني
كُتِبَتْ فَكَانَ عَذَابُهَا مَنْ يَكْتُبُ
وَيَدٌ لِأَوَّلِ صَفْحَتَيْنِ تُقَلِّبُ
قُرِئَتْ عَلى عَجَلِ التَّصَفُّحِ وَانْتَهَى
مَنْ غَابَ عَنْهُ جُنُونُهَا المُتَقَلِّبُ
حَتَّى المَعَانِي اللَّيِّنَاتُ تَمَايَلَتْ
وَاهْتَزَّ مِنْهَا قَوَامُهَا المُتَرَكِّبُ
مَنْ أَعْجَمَ النَّهْرَيْنِ دَوَّرَ نُقْطَةً
فَإِذَا هُمَا نَصَّانِ جِدًّا مُتْعِبُ
مَنْ هَزَّ مَوْقِعَةً بِخَطْوٍ نَاعِمٍ
وَاسْتَكْثَرَ القَتْلَى بِلَحْظٍ يَهْدِبُ
مَنْ مَوَّجَ الكَتِفَيْنِ حَتَّى أَغْرَقَتْ
خَلْقًا كثِيرًا مَوْجَةٌ تَتَذَبْذَبُ
مَنْ أَرْبَكَ التَّأْوِيلَ فَاتَّسَعَتْ بِهِ
فَتْوَى إلَى كُلِّ المَذَاهِبِ تُنْسَبُ
هَذَا كِتَابٌ فِي الأُنُوثَةِ بَاذِخٌ
وَالشَّارِحُونَ لِمَتْنِهِ قَدْ أَسْهَبُوا
وَالحَافِظُ العَالِي رَوَاهُ مُسَلْسَلًا
سَنَدًا أَصَحُّ فَشَيْخُهُ لَا يُغْرِبُ
وَالجَارِحُونَ عَلَى الحَقِيقَةِ قِلَّةٌ
فِي كُلِّ رَاوٍ عِنْدَنَا تَتَمَذْهَبُ
هَذا ابْنُ عَبَّاسٍ تَسَلْسَلَ لفْظُهُ
فَبِأَيِّ أَثْبَاتِ الرُّوَاةِ نُكَذِّبُ
حَتَّى الفَقِيهُ الضَّخْمُ لَوَّى فِقْهَهُ
فَقَضَى عَلَى الدُّنْيَا جَمِيعًا تُحْجَبُ
النَّصُّ أَلْيَنُ والتَّدَاعِي رِقَّةٌ
فَلِذَاكَ يَنْفِرُ قَاهِرٌ مُتَغَلِّبُ
أُنْثَى المَدِينَةُ واللُّصُوصُ تَؤُمُّهَا
حَتَّى الخَلِيفَةُ حَوْلَهَا يَتَكَسَّبُ
وَوَزِيرُهُ المَحْجُوبُ سِيئَتْ عِنْدَهُ
فَلَرُبَّمَا لِأَقَلِّ مُثْنٍ تُوهَبُ
رَسْمُ الأُنُوثَةِ فِي المَنَافِذِ رَائِجٌ
وَعَلَى الأَرُفِّ الحَائِرَاتِ تُعَلَّبُ
وَتَدَاوُلُ الرَّجُلِ الخَزِينَ بِضَاعَةً
يَمْتَارُ رِقَّ دَلَالِهَا وَيُقَلِّبُ
حَتّى إذَا تَلِفَتْ تَبَدَّلَ غَيْرَهَا
أَيُّ الرِّجَالِ المَالِكِينَ مُهَذّبُ
* * * * *
أُنْثَى التَّنَاقُضِ عُمْرُهَا مُتَرَدِّدٌ
رَأَتِ المَلَاذَ الحُرَّ لَكِنْ تَهْرُبُ
هِيَ لِيْسَ تَدْرِي مَا تُرِيدُ وَربَّما
أَلَّا تُرِيدَ هُوَ الأَصَحُّ الأَغْرَبُ
طُبِعَتْ عَلَى غَيْرِ الوِفَاقِ لِأَنَّهَا
إنْ وَافَقَتْكَ فَلَيْسَ ثَمَّةَ أَطْيَبُ
فإذا أَتَتْكَ فَحَيِّهَا بِتَحِيَّةٍ
«ومَعَ التَّحِيَّةِ والكَرَامَةِ مَرْحَبُ»
وَانْظُرْ إِلَى الدُّنْيَا تُؤَلِّفُ بَيْنَهَا
شَيْئًا فَشَيْئًا والسَّعَادَةُ تُكْتَبُ
فَهُنَاكَ مَا لَا تَسْتَطِيعُ بَيَانَهُ
إِلَّا بِأَنْ تَدَعَ البَلَاغَةَ تَغْضَبُ
وَاضْمُمْ يَدَيَكَ عَلَى يَدَيْهَا وَاقْتَرِبْ
فَهُنَاكَ أَطْوَعُ مَا تَكَونُ تُقَرَّبُ
حَتَّى إِذَا رَقَّتْ تَفَتَّحَ بَابُهَا
لِيَمُرَّ تَفْسِيرٌ لِمَا تَتَرَقَّبُ
هِيَ فَلْسَفَاتٌ تَسْتَرِيحُ لِقَارئٍ
هُوَ مُؤْمنُ الأنْثَى وَفِيهَا يَكْذِبُ
حَتَّى إذَا بَلَغَ الكَلَامُ إِلَى مَدًى
واستَلْهَبَتْ وَقَدِ اسْتَلَانَ الأَصْعَبُ
فَدَعِ الحَيَاةَ تَمرُّ مِنْ أَثْوَابِهَا
فِيْ اللَّامَكَانِ ولَا زَمَانَ تُرَتِّبُ
وَحَكِيمَةُ التَّعَبِ القَدِيمِ وَجَدتُهَا
فَوَجَدتُ أَنِّي فِي الحَدَاثَةِ أَقْرَبُ
هِيَ تَسْتَرِيحُ بِأَنْ تَكُونَ مُلِمَّةً
لِأَدَقِّ تَفْصِيلٍ، لَه تَسْتَوْعِبُ
عَيْنَانِ والمَحْكَى كَلَامٌ سَاخِنٌ
نَارٌ مِنَ الوَادِي المُقَدَّسِ تَلْهَبُ
وَتَرَتَّلَتْهَا مَلَائِكٌ عُلْوِيَّةٌ
وَكَأَنَّ مَرْيَمَ عِنْدَهَا تَتَعَنَّبُ
لَا فَيْلَسُوفَ اليَوْمَ يَعْرِفُ أَنَّهَا
المُنْتَهَى وَالمُلْتَقَى وَالمَهْرَبُ
صِدِّيقَةٌ لَا أَسْتَرِيبُ بِأَنَّهَا
كَانَتْ بِأُمِّ الأَنْبِيَاءِ َتُلَقَّبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى ضُمِّنَتْ
تَفْسِيرَهَا المُعْوَجَّ حِينَ تُجَرَّبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى كَذَّبَتْ
فِي نَفْسِهَا المَعْنَى وَرَاحَتْ تَلْعَبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى شُبِّهَتْ
بِاللَّاوُجُودِ وَكَوْنُهَا يَتَقَلَّبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى كُذِّبَتْ
كَقَضِيِّةٍ فَرَغَتْ وَخَلْقٌ تَشْغَبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى أُنْهِكَتْ
رَجُلٌ أَعَزُّ رِضًى وَرَأْيٌ قلَّبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى دُمِّرَتْ
وَغَدًا تَعُودُ تَعُودُ لَا تَتَرَهَّبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى أَحْجَمَتْ
عَنْ خَوْضِ مَعْرَكَةٍ وَكَادَتْ تَغْلِبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى كُلُّهَا
حُبٌّ، يُؤَنِّبُنَا وَحِينًا يَعْتِبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى أُضْحِكَتْ
عَفْوًا؛ يُحَاولُهُ احْتَمَالٌ أَعْذَبُ
فَاسْتَضْحَكَتْ حَتَّى الخَلَايَا وَاتَّسَعْ
مِنْ كُلِّ أَوْرِدَةِ الفُؤَادِ الأَكْأَبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ أُنْثَى دَوَّخَتْ
رَجُلًا بِهِ الدُّنْيَا العَرِيضَةُ تَعْجَبُ
الفَيْلَسُوفُ الحَقُّ مَنْ لَا تَنْتَهِي
حَتَّى تُخَطِّئَنَا وَلَا تَتَهَيَّبُ
وَتُقِيمُ مِيْزَانًا جَدِيدًا عِنْدَهُ
تَتَقَوَّمُ الأَفْكَارُ أَوْ تَتَهَذَّبُ
* * * * *
عَجَبًا لِأَيَّامٍ تَرَانِي فَلْتَةً
عَلَى أَنَّ صَبْرِي فِي الكَرِيهَةِ أَعْجَبُ
أَوَ تَغْلَطُ الأَيَّامُ فِيَّ بِأَنْ تَرَى
مَا لَا أَرَاهُ ولَا الصَّدِيقُ الطَّيِّبُ
أَتَإيَّةٌ وَالنَّاسُ هَمْلَجَ رَكْضُهَا
هَذَا مُشِفٌّ ذَاكَ وَانٍ يَنْدُبُ
وَإِذَا انتَبَهْتَ فَسَكْرَةٌ وإِذَا صَحَا
مِنهَا اصْطِلَامُكَ غَائِبٌ وَمُغَيَّبُ
فَلَعَلَّ مُتَّرَكًا هُنَاكَ يَدُلُّنِي
وَلَعَلَّ أَهْدَاهَا الَّذِي أَتَجَنَّبُ
فَجَلَالُكَ الرُّومِيُّ حَلَّ زَمَانُهُ
شَمْسٌ تَبَدَّى فِيكَ مَا إِنْ يَغْرُبُ
أَمَلٌ عَلَى قَلَقِ الوَخِيدِ يَلُوحُ لِي
فَأَحُثُّ سَيْرِي أَوْ أُصِرُّ فَأَرْكَبُ
أَتُرَى سَيُدْنِيكَ المَهِيبُ جَلَالَةً
أَمْ أَنَّهُ بِجَمَالِهِ يَتَحَجَّبُ
حِلًّا فَمَا الدُّنْيَا لحُرٍّ خُلَّةٌ
مَا عَاشَ فَهْوَ بِغَصَّةِ يَتَعَذَّبُ
وَكَأَنَّ أيَّامَ التَّروُّح لَمْ تَكُنْ
أَلْقَتْ تَحِيَّتَهَا وَمَرَّتْ تَذْهَبُ
حَتَّى القَصَائِدُ رُبَّمَا كَانَتْ أَذًى
منْ فَرْطِ مَا أَشْكُو وَما أَتَعَتَّبُ
أَنَا ذَلِكَ الإِنسَانُ أَنْعَلَ قَلْبَهُ
سَفَرًا بَعِيدًا حَوْلَهُ يَتَغَرَّبُ
وَلِيَ الكِبَارُ الخَالِدَاتُ كَأَنَّهَا
وَكَأَنَّنِي إِذْ قِيلَ يَوْمًا تَنْضُبُ
فَتَرَقَّبُونِي كُلَّمَا جَذِمَتْ يَدٌ
لَا تَسْتَحِيكُ لِوَشْيهَا وَتَوَثَّبُوا
واستَنْهِضُوا شِيَعَ الأَوَائِلِ كُلَّهَا
مِنْ هَالِكِينَ تَقَلَّبُوا وَتَنَقَّبُوا
فَأَنَا وَسَيِّدُكُمْ كِلَانَا وَاحِدٌ
هُوَ ذَلِكَ المُتَنَبِّئُ المُتَعَصِّبُ
هُوَ فِيَّ بَلْ أَنَا فِيهِ لَمَّا نُكِّسَتْ
أَبْصَارُهُم عَنْهُ حَسَارَى خُيّبُوا
أَرْقَى بِهِ يَرْقَى بِنَا وَكَأَنَّنَا
مِمَّا صَعِدْنا أَنْجُمٌ أَوْ كَوْكَبُ
وَمَشَيْتُ فِي عَيْنَيْه حَتَّى خِلْتُنِي
إِيَّاهُ والبَاقُوْنَ عَنْهُ تَنَكَّبُوا
يَا سَيِّدِي إِنَّ الحَياةَ مَرِيضَةٌ
وَعلَى يَدَيْكَ رَأَيْتُهَا تَتَطَبَّبُ
آتٍ كَمَوْجِ البَحْرِ يَنْسَخُ نَفْسَهُ
مُتَجَدِّدٌ مُتَعَاظِمٌ مُتَحبِّبُ
وَعلَى الشَّوَاطِي النَائِمَاتِ حَوَالِمٌ
مَوْجُ الحَيَاةِ لَهُنَّ أُمٌّ أَوْ أَبُ
أَكْبَرْنَنِي إذْ قُلْنَ أَنْتَ رَسَمْتَنَا
هُنَّ الغَوَافِلُ والمُهَيْمِنُ أغْلَبُ
وَإِذَا رَسَمْتُ فَعَنْ قَرِيبٍ غَيْرِهَا
وَإِذَا كَتَبْتُ فَعَنْ قَرِيبٍ أَشْطُبُ
وَكَأَنَّ دُنْيَاكَ اْصْطَفَتْكَ لِنَفْسِهَا
فإِذَا بِكَ الأَمْثَالُ فِيهَا تُضْرَبُ
وَشَرِبْتُ حَتَّى لَا مَكَانَ لِشَرْبَةٍ
وَبِأَيِّ كَأَسٍ قَدْ أَعُبُّ وَأَشْرَبُ
أَحْلَامُنَا قَدْ لَا تَكُونُ لِأَنَّهَا
تَرَفٌ نُحَاوِلُهُ جُنونًا أَكْذَبُ
فَارْكَنْ إِلَى الأُنْثَى كَمَا رَكَنَتْ لَهَا
أُمَمُ الفلاسِفَةِ الَّذِينَ تَرَهَّبُوا