«الجزيرة» - المحليات:
انتشر مؤخرًا خبر عن علاج جديد لنقص السمع يبشِّر بثورة علمية وقد يغني عن استعمال السماعات الطبية بشكل نهائي لشريحة كبيرة من المصابين بنقص السمع.
ولبحث المزيد عن هذا العلاج التقت «الجزيرة» الدكتور صالح فهد العبدالواحد استشاري الأنف والأذن والحنجرة لشرح خفايا هذا العلاج وتوضيح طريقة عمله.
وقال الدكتور صالح العبدالواحد إن السمع ينتج عن عملية تحويل الموجات الصوتية الحركية إلى موجات كهربائية بواسطة خلايا مهدبة دقيقة جدًا في الأذن الداخلية يصل عددها إلى خمسة عشر ألف خلية تقريبًا. وتختص كل مجموعة من الخلايا المهدبة بنغمة صوتية خاصة بها لها ترددات ذات نطاق محدد.
وبعد أن تقوم الخلايا المهدبة بتحويل الموجة الصوتية الهوائية إلى طاقة كهربائية، يقوم العصب السمعي بنقل هذه الموجات الكهربائية إلى المخ الذي يفسر كل موجة كهربائية بحرف من الحروف الأبجدية، أو نبرة موسيقية ليقوم بتشكيل الجمل اللغوية أو النغمات الموسيقية ضمن طيف واسع من الأصوات. ويحتفظ المخ بذاكرة عن أي صوت يسمعه مدى الحياة.
يتسبب فقدان بعض الخلايا المهدبة الخاصة بأحد الحروف بفقدان ذلك الحرف وسقوطه من الكلمة المسموعة، ولا يستطيع بالتالي أن يميز الإنسان معنى تلك الكلمة. وهذا يُسمى «ضعف السمع الاستقبالي».
أما في حال وجود ضعف في آلية «نقل» هذه الموجات عن طريق العصب السمعي، فهذا يُسمى ضعف العصب «التوصيلي».
وأضاف الدكتور العبدالواحد: «يولد الإنسان بعدد ثابت من الخلايا المهدبة التي لا تتجدد. ولذلك عند تلف هذه الأهداب لأي سبب مثل التعرض لصوت مرتفع لمدة طويلة من الزمن، أو بعد تناول بعض الأدوية التي تؤثِّر على هذه الخلايا مسببة تلفها، أو بعد الإصابة بأمراض معينة مثل التهاب السحايا، فإن الإنسان يفقد السمع بشكل نهائي».
وبينما يمكن تعويض المصابين بنقص السمع «التوصيلي» الذي ينتج عن بطء في نقل الموجات الكهربائية عن طريق العصب السمعي، حيث يمكنهم الاستفادة من رفع الصوت وذلك باستعمال السماعات الطبية بكل نجاح، إلا أن علاج المصابين بنقص السمع «الاستقبالي» بسبب تلف الخلايا المهدبة لا يتم بتلك السهولة. حيث لا يستفيد المصاب هنا من رفع الصوت أو تركيب السماعات الطبية. ويكون الرد من المصابين عادة: «لا ترفع صوتك.. أنا أسمعك.. ولكن مدري وش تقول». وذلك لأن الكلمة تصل إلى المخ دون بعض الحروف المهمة، فلا يكتمل المعنى.
ويقول الدكتور صالح العبدالواحد: «لا يوجد علاج لترميم أهداب الخلايا التالفة، وأفضل ما يمكن عمله عند فقد أهداب الخلايا بشكل كامل هو إجراء عملية «زراعة القوقعة» التي استفاد منها العديد من المرضى خلال الخمسين سنة الماضية.
وهنا تبرز أهمية العلاج الجديد الذي يعيد نمو الأهداب التالفة التي تملك وحدها القدرة على توليد الطاقة الكهربائية السمعية من جديد، وهذه هي المعجزة الحقيقية».
وعن آلية عمل هذا العلاج أوضح الدكتور صالح العبدالواحد أن هذا العلاج يعمل على تنشيط الخلايا الجذرية (الأم) في قوقعة الأذن لتعود وتقوم بتشكيل الشعيرات السمعية لتتمكن من أداء وظيفتها من جديد، وقد تم استخلاص هذا العلاج في مركز أبحاث معهد ماساشوستس للتقنية M.I.T من المواد الكيميائية في خلايا جدار الأمعاء، حيث وجد العلماء أن هذه المواد تقوم بتنشيط خلايا جدار الأمعاء لتتجدد بشكل يومي، وبعد حقن هذه المادة الكيميائية في الأذن ومراقبة عملها على الخلايا الجذرية للقوقعة، تم اكتشاف نجاحها بشكل فاعل.
وقد بدأ بالفعل التطبيق التجريبي للمرحلة السريرية لهذا العلاج الجديد الذي قد يغني عن العملية الجراحية وعن المعينات السمعية ويعيد السمع إلى ملايين الأشخاص في العالم.
وعن الزمن المتوقع لتداول هذا العلاج يتوقع الدكتور صالح فهد العبدالواحد أنه بما أن العلاج الآن في المرحلة الثانية من التجارب السريرية فيبقى إتمام المرحلة الثالثة قبل الحصول على الموافقة النهائية من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ومن المتوقع أن يصبح العلاج متوفرًا بشكل تجاري عالمي خلال خمس سنوات من الآن.