الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
انتشر اهتمام كثير من الناس بالرؤى، وأصبحت المنامات عند البعض شغلهم الشاغل، فكل ما رأوه في منامهم، بدأوا البحث عمن يفسره لهم.
ولنتعرف أكثر حول الرؤى والأحلام، رصدت «الجزيرة» أحاديث عدد من أصحاب المعالي أعضاء هيئة كبار العلماء، حول هذه الظاهرة التي أصبحت تجارة لدى بعض المعبرين، وسوقاً رائجة لكل من هب ودب من الذكور والإناث.
اتخاذ تفسير الاحلام مهنة
بداية يوضح معالي الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير حكم اتخاذ تفسير الأحلام مهنة يمتهنها الإنسان، حيث يقول: جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه إذا صلى الصبح وأقبل عليهم بوجهه سأل: «هل رأى أحد منكم رؤيا؟» [البخاري: 1386]، هذا ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- فيقصون رؤاهم ويؤولها، ولكن ما عُرف هذا عن أصحابه -عليه الصلاة والسلام-، لا عُرف عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه يسأل هذا السؤال، ولا عن عمر -رضي الله عنه-، ولا عن غيرهما من الصحابة، ولا يُعرف عن أحد من سلف الأمة وأئمتها أنه تفرَّغ لهذا الشأن، نعم، منهم من عُرف بتميزه في هذا الباب كمحمد بن سيرين مثلًا، لكنه لم يتفرغ للتأويل ويأخذ عليه الأجرة، إنما يؤول ما يعرض عليه وهو في حياته الطبيعية فلم يتخذ هذه مهنة ولم يأخذ عليها أجرًا، إنما هو إمام عالم محدث فقيه ماشٍ في طريقه، في عبادته، في علمه، في تعليمه، في تحديثه، في تحمُّله للحديث وأدائه، ولم يتخذ ذلك مهنة، ولم يعقه ذلك عن عمله الذي كُلِّف به شرعًا، ومع ذلك يوجد من الناس من يتخذ هذا مهنة ويتفرغ لها ويأخذ عليها الأجر، وهذا لم يُعرف في سلف الأمة ولا في صدرها الأول ولا في خيارها، ومثل هذا الرقية، فتفسير الأحلام له أصل فلا يُمنع بالكلية، لكن التفرغ له واتخاذه مهنة هذا لم يُعرف ولم يُعهد عن الأئمة ولا عن سلف الأمة، وكذلك الرقية لها أصل في الشرع ومع ذلك لا يُعرف مَن تفرغ لها وترك جميع الأعمال من أجلها وجلس ينتظر مَن يرقيه، وإنما جاءت أحاديث بها وثبتت بها السنة، فمن استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه من دون أن تُتخذ مهنة ويُتفرغ لها.
أضغاث أحلام!
ويطالب معالي الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، المشتغلين بتفسير الأحلام، ومن يهتم بتفسير أحلامه بالتوقف عن ذلك، حيث إن الأغلب مما نراه في منامنا هو أضغاث أحلام، مشيراً إلى أن الاهتمام بتفسير الأحلام هو نوع من إثارة القلق والضيق والاضطراب، وتعليق أنفسنا بوهم، داعياً طلبة العلم ممن يدعون ويشتغلون بتفسير الأحلام إلى الابتعاد عن ذلك، وأن من رأى حلماً وطلب تفسيره وقيل له إنه ستحدث وفاة، فكيف يكون شعوره من الخبر السيئ، بينما بث الأمل من أسباب عمارة الحياة ومبعث السعادة والطمأنينة، وأن دعوى بعض مدّعي تفسير الأحلام وهمية ولا حقيقة لها، وأن على من يرى حلماً أن يحمد الله إن رأى خيراً، ويستعذ بالله إن رأى شراً.
وانتقد الشيخ عبد الله المنيع تعلق الناس بالأحلام، بينما حقيقة الغالب منها هو ترسبات وبقايا ذكريات للحياة التي يمارسها الإنسان يومياً، وأن نسبة ما هو «رؤيا» إلى الأحلام نسبة قليلة جداً، كما أنه نادراً أن تجد تفسيراً صحيحاً للرؤيا، وما قدّر الله وقضاه سيقع مطلقاً.
صناعة إبليس
من جانبه حذّر معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد المطلق، من تصديق تفسير الأحلام والأخذ بها، وعدم تسرع الناس لتفسير الأحلام وتصديقها، لأن هذا التصديق للشياطين، مشيراً إلى أنه لو جلست أمام قنوات تفسير الأحلام لوجدت أن أغلب الأحلام من صناعة إبليس، فإذا ذهب الحالم يفسرها قالوا له أنت مسحور أو معيون، أو سحرتك خالتك أو زوجة أبيك، لأن مهمة الشيطان نشر العداوة.
وشن د. عبد الله المطلق هجوماً على بعض مفسري الأحلام، الذين يفرقون بين الناس والأقارب، وذلك من خلال تفاسير لا صحة لها، وهم يعمدون إلى الكذب ليوقعوا الناس في الأوهام، مشيراً إلى أن بعض مفسري الأحلام يعملون أعمال السحرة، حيث يفسرون الرؤيا بما يفرق بين الناس والأقارب، ومنهم متعاونون مع الجن، ويوقعون الناس في الأوهام، فهؤلاء إما أنهم يكذبون فيطيعون الشيطان، وإما أنهم يسمعون الشيطان فيصدقونه، وهذا كله لا يجوز ولا ينبغي أن يدخل الناس في مثل هذه الأبواب، كما أن أغلب الرؤى تحزين من الشيطان، مشيراً إلى أن أكثر من 80 في المئة من الأحلام التي تعرض ويطلب أصحابها تفاسيرها في البرامج المخصصة في القنوات الفضائية أحلام سيئة من الشيطان، للتخويف، منبها أن رؤيا السوء منع من تفسيرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن ما يقوم به بعض مفسري الأحلام من الإيقاع بين الناس، باب شر لا يجوز فتحه، مبيناً أن تفسير الأحلام الصادقة جزء من 46 جزءا من النبوة، وأن الناس يخطئون ويصيبون، ومع ذلك فإن بعض المفسرين يجزمون بوقوع الحوادث، ويأتي بكذب، واصفا إياهم بالفسقة.