رمضان جريدي العنزي
إن تلاوة القرآن الكريم وتدبر آياته عملية سهلة بسيطة وميسرة، وليست صعبة ولا معقدة، وفيها من الخير والأجر الشيء الكثير والكثيف والعظيم، إن تلاوة القرآن الكريم وتدبر آياته ومعانيه، يحلقان بالإنسان نحو فضاءات صافية ونقية، تنعش الروح وتغذي العقل وتجلب للروح السكينة والهدوء والسلام، تهذب النفوس، وتجلو الصدأ، وتزيل الهم والغم والحزن والأسى، وتنير في الإنسان مساراته ومداراته ودروبه وحياته كلها، وتمحو الذنوب والخطايا، وتحيل النقاط السوداء في القلب إلى نقاط بيضاء، وتبعد الشيطان عن الإنسان، الذي يريد له سوء الخيبة والدمار ويدعوه للعصيان، بعيداً عن المسار السليم. إن شهر رمضان الكريم موسم عظيم للتلاوة والإنابة، وشهر كريم للعتق من النار، إن الصيام وتلاوة القرآن شفيعان لصاحبهما يوم القيامة، إن تلاوة القرآن في شهر رمضان، والاستماع إليه، ومدارسته وتدبر أحكامه من أعظم القربات التي يتقرب بها الصالحون إلى الله تعالى في هذا الشهر، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن)، إن تلاوة القرآن وتدبر آياته بتمعن وهدوء تضمن الحصول على الغاية القصوى والسعادة الكبرى في الدنيا والآخرة، فكل آية من آياته هي منبع غزير بالهداية والموعظة الحسنة، وكل كلمة من كلماته هي مصدر من مصادر الإرشاد والرحمة والتربية، ومن يُرِد أن يرقى إلى السعادة الخالدة والطمأنينة الدائمة، ومن يُرِد أن يربح الدين والدنيا فعليه أن يتعاهد القرآن بمعنى أن يجعل القرآن عهده وكتابه الذي ينظر فيه آناء الليل وأطراف النهار، وأن يجعل آياته ومعانيه ومفاهيمه في قلبه وذاكرته ليعمل به ويسير على ضوئه ونوره ونهجه، إن شهر رمضان المبارك يعتبر محطة سنوية لتجديد العهد مع القرآن الكريم، والاستزادة من معينه، وتدارك النقص في تلاوته وتدبره والعمل به، إن رمضان شهر القرآن، والمؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان: جهاد الصوم في النهار، وجهاد القيام والتلاوة في الليل، فمن جمع بين هذين الجهادين ووفى بحقوقهما على أكمل وجه وصبر، كتب له الأجر الكبير والعظيم، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}، اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا.