سلطان بن محمد المالك
تعود بي الذاكرة لأول وظيفة عملت بها بعد تخرجي من الجامعة وكانت في مجال الدراسات والأبحاث التسويقية في صندوق التنمية الصناعية السعودي، كنت وزملائي الباحثين والمستشارين نقوم بعمل دراسات جدوى اقتصادية لعددٍ من المشروعات المتقدمة بطلب قروض من الصندوق الصناعي، وكانت دراسات السوق وتحليلاته مهمة للغاية لإكمال دراسات جدوى المشروعات وتقييمها. كانت المعلومة الإحصائية بالنسبة لنا مهمة جدًا ومن أهم تلك البيانات هي البيانات الخاصة بالتعداد السكاني للمملكة والتي من خلالها نستطيع حساب حجم السوق لمنتج أو قطاع معين. مصدرنا الأساس الذي نعتمد عليه في ذلك هو الإحصاءات المنشورة رسميًا من الهيئة العامة للإحصاء بما يخص التعداد السكاني وحساب نسبة النمو السكاني لكل عام، إضافة إلى عدد الأسر بالنسبة للمساكن. وكلما كانت تلك المعلومات دقيقة ساعدنا ذلك على عمل دراسات دقيقة لحجم السوق وتقديراته.
ولله الحمد، المملكة هذا العام أطلقت تعداد السعودية 2022 كمشروع وطني مهم يستهدف جمع البيانات الإحصائية الدقيقة التي تخص سكان المملكة، والتي تُسهم في دعم اتخاذ القرار، وتعد من أهم الممكنات لتحقيق رؤية السعودية 2030، وهذا هو التعداد الخامس في تاريخ المملكة. وكما ذكرت في المقدمة فإن مخرجات التعداد مهمة جدًا، فالبيانات الإحصائية تتيح لراسمي السياسات وتدعم صُناع القرار في اتخاذ قرارات مبنيَّة على الأدلة، للإسهام في تطوير الخدمات العامة، ورفع مستوى التخطيط الحضري، إضافة إلى تمكين القطاع الخاص والمستثمرين في دفع عجلة التنمية.
من المهم والواجب على كل مقيم في المملكة من أبناء الوطن أو الوافدين أن يتجاوب مع التعداد ومتطلباته حيث تحتوي استمارة التعداد على نحو 50 سؤالاً تشمل موقع السكن الفعلي، الحالة الصحية والتعليمية، واللغات التي يتحدثها أفراد الأسرة، وخصائص السكن والخدمات المتوفرة. وهذا العام سوف يتم تطبيق العد الذاتي وهو أحد الوسائل التكنولوجية الحديثة التي تستخدم في التعدادات السكنية، ومن خلاله يمكن الاستغناء عن زيارة الباحث الميداني للوحدة السكنية، وتمكين رب الأسرة من استيفاء بيانات استمارة التعداد إلكترونيًا عن طريق رابط التعداد على الإنترنت.
ولعله من المهم الإشارة إلى بعض المفاهيم الخاطئة لدى البعض أن التعداد يهدف إلى تعقب المخالفين أو رصد المخالفات النظامية، حيث إن تنظيم الهيئة العامة للإحصاء يمنع مشاركة البيانات الشخصية مع أي جهة خارجية وتطبق الهيئة أعلى مستويات الخصوصية والسرية المتعلقة ببيانات الأفراد.
بكل تأكيد فإن التعاون الذي وجدته الهيئة العامة للإحصاء من السكان خلال مرحلة تحديث العناوين كان إيجابيًا وداعمًا لها لاستكمال المراحل الأخرى للتعداد والتي تتطلب من الجميع التعاون مع الباحث الميداني خلال مرحلة العد الفعلي بشهر مايو القادم، وتزويده بالمعلومات المطلوبة بشكل دقيق، لنُسهم جميعًا من خلال التعداد في تحقيق رؤية السعودية 2030 والإعداد لمستقبل أفضل لكل من يعيش في مملكتنا الحبيبة.