عادل علي جودة

لا إله إلا الله؛ بحزن وأسى بالغين توفي الشاعر العربي الكبير نايف عبد الله الهريس، الذي وافاه الأجل يوم الأحد 3 رمضان 1443هـ الموافق 3 إبريل / نيسان 2022م؛ رحمه الله رحمة واسعة، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، وعظم أجر أسرته ومحبيه.

ولد الشاعر نايف الهريس في مدينة بيسان - بفلسطين عام 1942م، ودرس الابتدائية في فلسطين، ثم أكمل الدراسة الثانوية في الأردن، وعمل موظفًا بالمؤسسات التجارية بالأردن والكويت، وسافر سنة 1963م إلى الخليج، وعمل في شرطة دبي، ودخل دورات تدريبية في معظم مجالات العمل الشرطي (العلمي والتدريبي) داخل الدولة وخارجها، وكُلف بإدارة مدرسة التدريب سنة 1966م لبضع سنوات، وتنقل في إدارات الأقسام المختلفة في العمل الشرطي إلى أن أصبح ضابطًا برتبة عالية، وفي سنة 1987م حصل على نقلة نوعية؛ حيث كُلف بإنشاء كلية للحقوق وعلوم الشرطة، واستمر لمدة ست سنوات حيث بلغ سن التقاعد في سنة 1993م، وأحيل إلى التقاعد براتب كامل مدى الحياة.

ولما بلغ الرابعة والستين من العمر قرر أن يكون شاعرًا، فدرس العروض الخليلية خلال أربعة شهور، وجدد دراسة النحو العربي بمواظبة كبيرة لمدة أكثر من سنة، قرأ خلالها معظم دواوين الشعر وما كتب عنها بنهم وتحليل، ثم بدأ في كتابة الشعر العمودي الفصيح.

وبناء على قاعدة الحب يولد التركيز، والتركيز يخلق الإبداع، بدأ بإصدار دواوينه الشعرية، ففي عام 2014م أصدر ديوانه الأول تحت عنوان «سلام على البردة»، بينما جاء ديوانه الثاني تحت عنوان «سواقي المطر» في العام نفسه 2014م، وفي عام 2015م أصدر ديوانه الثالث تحت عنوان «المسبار» ويقع في 264 صفحة تشتمل على 54 قصيدة، وفي عام 2016م أصدر ديوانه الرابع تحت عنوان «لا تسلني عني» ويقع في 240 صفحة تشتمل على 47 قصيدة، وفي عام 2017م أصدر ديوانه الخامس تحت عنوان «أسير الموج» ويقع في 419 صفحة تشتمل على 80 قصيدة، وفي عام 2020م أصدر ديوانه السادس تحت عنوان «سابر الخِضَمْ» ويقع في 560 صفحة تشتمل على 119 قصيدة.

الجدير بالذكر هنا أن الشاعر نايف الهريس لم يكتف بنظم أشعاره على البحور المعروفة، بل راح يبتكر بحرًا جديدًا منحه اسم بلدة مولده «البيسان» وجعل تفعيلته مشتملة على تفعيلة بحر الطويل «فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ» وتفعيلة بحر الوافر «مُفَاعَلَتُنْ»، وبذلك أصبحت تفعيلة بحر البيسان «فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ مُفَاعَلَتُنْ»، وهكذا جاء إصداره لديوانه السادس تحت عنوان «البيسان» في 451 صفحة تشتمل على 104 قصائد يستند نظم معظمها على بحر البيسان الذي اعتمد ضمن المنهج التعليمي الجامعي في عدد من الجامعات.

وقد التقيت الشاعر الكبير نايف الهريس بتاريخ 23 أغسطس / آب 2021م أثناء مشاركتي في أمسية شعرية أقيمت في ديوانه؛ «ديوان الهريس الثقافي» الكائن في الهاشمي الشمالي بالمملكة الأردنية الهاشمية، وفي نهاية الأمسية جمعتني به جلسة ودودة حدثني خلالها عن رحلته مع الشعر، وأكرمني بنسخة مهداة من دواوينه الخمسة التي كانت متوافرة في تلك اللحظة.

وكذلك جمعتني وزملائي بالشاعر الكبير نايف الهريس أمسيات شعرية عديدة عبر منصة زووم في إطار اللقاءات الدورية التي يقيمها الديوان مرتين شهريًّا.

والواقع أن المتأمل في نتاج شاعرنا الغالي نايف الهريس تتجسد أمام ناظريه قامة أدبية شعرية يشار إليها بعين الفخار والاعتزاز.

رحمك الله يا أبا أنيس، وصبّر قلوبنا على غيابك، ولا نقول إلا ما يرضى الله سبحانه وتعالى، وإنا على فراقك يا أبا أنيس لمحزونون.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

** **

- عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين