د. عبد الله بن أحمد المغلوث
أصبح الارتقاء بالخدمات الحكومية سمة العصر ومتطلبًا من متطلبات الرؤية، وقد لفت نظري المنصة التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منصة (قوى) في أبريل من العام 2019، والتي تهدف لتحسين تجربة المستخدم والارتقاء بالخدمات الحكومية المقدمة له من قطاع العمل وتحسين العلاقة التعاقدية بين الموظف وصاحب العمل لرفع نسبة التوطين من خلال رفع جودة الموظف السعودي في سوق العمل وتقليل النزاعات مع أصحاب العمل.
وتعتبر منصة «قوى» خدمة إلكترونية تقدمها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتكون مستقبل سوق العمل السعودي وفق الضوابط والمعايير التي تضعها الدولة لتنظيم العمل وحماية مصالح العمال وأصحاب الأعمال على حد سواء بما يضمن حسن سير العمل والحفاظ على حقوق أطرافه.
تُقدم المنصة عديداً من الخدمات الرئيسة والفرعية ليستفيد منها أصحاب الأعمال، والأفراد، والجهات الحكومية، منها على سبيل المثال لا الحصر، رخص العمل، والتأشيرات الفورية للمنشآت القائمة، ومؤشر الامتثال لأنظمة العمل وغيرها مما يجعل العلاقة التعاقدية تحت مظلة واحدة وينظم من سوق العمل.
تسهم منصة قوى في دعم منظومة العمل السعودية؛ من خلال تنفيذ أكثر من 50 ألف عملية إلكترونية في اليوم الواحد، مقارنةً بـ 700 عملية ورقية في الماضي والتي كان يتم إنجازها ورقيًا من خلال مكاتب العمل المنتشرة على مستوى مناطق ومحافظات المملكة.
إن هذه القفزة الكبيرة -برأيي- في العمليات تُعزّز مبادرات تسريع الأعمال وتيسير الإجراءات وتدعم خطوات التحول الرقمي بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية التي أطلقت المنصة بهدف أتمتة جميع خدمات هذا القطاع لخلق سوق عمل منافس يتيح الوصول لجميع خدمات قطاع العمل بشكل رقمي فوري.
إن ما تقدمه منصة قوى من خلال توفير أكثر من 116، يواكب مستهدفات رؤية المملكة 2030 في التحول الرقمي وتيسير الأعمال وتسريعها، حيث إنها تسهم في تسهيل إدارة المنشأة بفعالية أكبر وتحسين بيئة العمل.
ولا ننسى دور المنصة في تمكين العملاء من الحصول على خدماتها بكل كفاءة وسهولة وتحسين تجربة الأفراد والمنشآت وتسهيلها، فضلًا عن تفاعلهم مع ما تقدمه من مزايا وخدمات، حيث تشير الإحصاءات إلى زيادة قبول الطلبات إلى 92 %مقارنةً بعام 2018 قبل إطلاق المنصة.
وتتضمن مزايا وخدمات منصة «قوى» الرقمية خدمة نقل خدمات الموظفين، وخدمة تأشيرة زيارة العمل المؤقت، وخدمة إصدار وتجديد رخص العمل، والمستشار الإلكتروني، وخدمة التأشيرات المهنية الفورية، ومؤشرات العمل، وإصدار واعتماد لوائح العمل النموذجية والمخصصة، وإصدار شهادة السعودة، وتغيير مهنة موظف مقيم، وتوثيق وإدارة عقود العمل، وغيرها.
أن منصة «قوى» تواكب إستراتيجية التحول الرقمي ومسيرته المتقدمة في المملكة، عملًا على تسهيل ممارسة الأعمال وتسريعها، والتوسع في التحول الرقمي والحلول التقنية، وتمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في القوى العاملة، إلى جانب تنظيم سوق العمل وزيادة جاذبيته.
وجود منصة قوى كنقطة التقاء بين المنشآت والعاملين في القطاع الخاص تجعل منها المحرك الفعلي في المستقبل لإدارة المنشآت بفاعلية واستمرارية الأعمال بكفاءة تسهم في تحسين بيئة العمل وتحقيق التمكين والتوطين.
فأتمتة الإجراءات وتنفيذ الخدمات بسرعة وكفاءة يسهم في تطوير الخدمات واختصار رحلة تأسيس وتشغيل المنشأة ونقل الكفالات وتغيير المهن واستخراج التأشيرات من أشهر عدة كانت تصل إلى سنة كاملة إلى إجراءات إلكترونية مسرّعة، وقد كان تغيير المهنة على سبيل المثال يستغرق في السابق 3 أشهر عمل لتنفيذه والآن ينجز بشكل فوري وبموافقة العامل.
بينما عمل توثيق العقود على الحد من النزاعات وحماية الحقوق، حيث ركزت «قوى» على إدارة العلاقة بين المنشأة والموظف وإيجاد آليات فاعلة لإدارة الشكاوى بين أطراف علاقة العمل.
في رأيي باختصار منصة قوى هي صورة لذكاء الأعمال لما تسهم في رفع كفاءة العمل وتحسين الأداء. فهي محرك اقتصادي فعّال لمستقبل سوق العمل وجسر الشراكة مع القطاع الخاص.
وإن وزارة الموارد البشرية والمنصات التي أطلقتها ومنها «قوى» سوف تخدم الشركات والمؤسسات ورواد الأعمال من منشآت صغيرة ومتوسطة وتجعل بيئة العمل ناجعة تساعد على الاستدامة والنمو دون تعقيدات أو تأخير في الإجراء. لاسيما أن مثل هذه المنصة أعطت محفزًا كبيرًا للقائمين على الأعمال تجعلهم الدخول لمضمار العمل وتوثيق إجراءاتهم عبر منصة إلكترونية تمكنهم من المضيّ قدمًا في نجاحات مستمرة دون كلل أو تعقيدات أو تجاوزات تضر بالطرفين، سواء المؤسسة أو العامل.
وفي الحقيقية كم كنا نتوقع أن نرى تلك المنصة موجودة في السابق، لكن -ولله الحمد- على هذا الإجراء وإظهار هذه المنصة بالشكل الراهن، يطمئن العاملين في المضي قدمًا في العمل.