منيف خضير
207 ملايين ريال شكَّلت عائداً اقتصادياً من العمل التطوعي في المملكة في العام الماضي فقط؛ حيث تجاوزت أعداد المتطوعين والمتطوعات في عام 2021 أكثر من 376,086 متطوعاً، وبلغ عدد المستفيدين من الأنشطة التطوعية أكثر من 15 مليون مستفيد، ومن هنا أصبح التطوع -إضافة إلى دوره التقليدي- رافداً لاقتصاديات الدول المتطورة.
وتدعم المملكة من خلال رؤيتها 2030 زيادة نسبة عدد المتطوعين من 11 ألفاً فقط إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030. ولتشجيع العمل التطوعي وحوكمته فقد أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ـ ضمن مبادرات برنامج التحول الوطني ـ المنصة الوطنية للعمل التطوعي، لتكون حاضنة للعمل التطوعي توفر بيئة آمنة تخدم وتنظم العلاقة بين الجهات الموفرة للفرص التطوعية والمتطوعين في المملكة. وتتيح المنصة للمتطوعين فرص التطوع في المكان والزمان والمجال الذي يناسب خبرات المتطوعين ومهاراتهم في أكثر من 30 مجالاً مختلفاً، كما تتيح لهم توثيق ساعات التطوع، وتصدر المنصة للمتطوعين شهادات تطوع فورية وسجلاً بالفرص التطوعية المنجزة.
ومن أعظم فرص التطوع التي يحث عليها الدين الحنيف هي تلك الأعمال المرتبطة بالأيتام؛ فرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما»، وحيث بلغت جمعيات الأيتام في بلادنا أكثر من 43 جمعية، تقوم بأعمال جليلة، وتقدم خدمات أساسية تتعلق بالمسكن والمشرب والملبس، ولكن هل هذا هو كل ما يحتاجه اليتيم؟
إن النظرة إلى اليتيم يجب أن تتجاوز النظرة التقليدية التي يغلفها العطف والشفقة؛ فاليتيم وضعته ظروف الحياة في هذه العتبة من الحياة، وهو يطمح بلا شك إلى الارتقاء في سلمها وصولاً إلى تحقيق أهدافه، ومن هنا تبرز أهمية الأعمال التطوعية في سد الفجوة بين ما يحتاجه الأيتام فعلاً وبين ما تقدمه تلك الجمعيات من خدمات مشكورة؛ ولذلك بات لزاماً علينا كمجتمع مسلم تميز بروح التطوع عبر تاريخه الطويل عدم الاكتفاء بالأعمال التطوعية على الطرق التقليدية، بل يجب علينا استحداث برامج تطوعية مهمة، مجتمعنا في أمسّ الحاجة إليها، مثل برامج تطوعية لدعم المخترعين والموهوبين، والمتفوقين دراسياً، واستحداث وظائف للعاطلين، ودعم المؤلفين الشباب وطباعة كتبهم، وتقديم استشارات ذات أبعاد علمية وأكاديمية واقتصادية ومجتمعية، وكل إنسان منا يتميز بموهبة ولديه خبرة في مجال معين فعليه المبادرة في التسجيل في منصات التطوع، وعرض خدماته لتلك الجمعيات التي قد تحتاجها فعلاً.
ولا تحقرن من العمل شيئاً، لا تدري لعلك تفتح آفاقاً ليتيم تساهم في بروزه وتميزه في مجال تحتاجه بلاده، وربما تحتاجه أنت شخصياً ذات يوم.
** **
- عضو جمعية رؤوم للأيتام برفحاء