علي الصحن
في الرابع والعشرين من نوفمبر 2019 وبعد فوز الهلال على مضيفه أوراوا الياباني في إياب النهائي الآسيوي، سألت الأستاذ الزميل محمد العبدي، وكان حينها قد فرغ لتوه من كتابة مقال عن فوز الهلال باللقب القاري السابع تحت عنوان: (الزعيم العالمي) وهو ذات اللقب الذي أطلقه أبو مشعل على الهلال بعد فوزه بكأس السوبر عام 2000 كأول فريق سعودي وتأهله كأول فريق سعودي من الملعب إلى بطولة العالم للمرة الأولى – قبل أن تلغى البطولة لاحقًا-.. ماذا بعد فوز الهلال باللقب القاري بعد هذا الغياب الطويل؟ فأجاب الزميل الخبير بنظرته الثاقبة، أن البطولة التي كانت مستعصية، ستكون سهلة هينة هنية على فريق مثل الهلال، وأنه سيكون قادرًا على تحقيقها مرات ومرات، وأن العقدة التي – صنعها البعض ومن بينهم هلاليون- قد انحلت.
في الموسم التالي لعب الهلال البطولة الآسيوية، وعلى الرغم من ظروفه تأهل للدور ثمن النهائي، لكن إصابات كورونا بين لاعبيه، ثم قرار الاتحاد الآسيوي الغريب، حرمه من تحقيق أسهل نسخة ممكنة في تاريخ المسابقة، وفي آخر نسخة كان الفريق الذي تأهل إلى أربعة نهائيات في آخر سبع نسخ، يحقق لقبه الآسيوي الثامن، والرابع على مستوى دوري الأبطال، والثاني خلال ثلاثة مواسم، مؤكداً أنه فريق محترف ومؤهل وقادر على تحقيق كل بطولة يشارك فيها، أو المنافسة على لقبها على الأقل.
هذه الأيام تدور رحى مباريات الدور الأول من نسخة 2022 من دوري أبطال آسيا، وكما يقول المثل -الموجه لمن لا يعجبه العجب، ويصر على التقليل من كل شيء وبالذات ما يعجز عن بلوغه -: « ما لقى في الورد عيب قالوا يا احمر الخدين»، حيث خرج البعض بسالفة ضعف البطولة، ومشاركة فرق غير معروفة فيها، دون أن يكونوا قادرين على الإجابة عن سؤالين فقط:
- لماذا عجزت فرقهم المفضلة عن تحقيق لقب البطولة؟
- ولماذا فشلت في التأهل للبطولة أصلاً؟
وإذا كان الفريق الأزرق قد حقق لقبين في ثلاثة مواسم أمام فرق سهلة، فلماذا لم تحققها فرقهم التي شاركت في البطولات ذاتها، وهل فرقهم التي تجاوزها الهلال في البطولة ينطبق عليها وصف السهل أيضاً؟
على كل حال: وصف البطولة بالسهلة أو الضعيفة لن يغير من الواقع شيئاً، فهي في النهاية بطولة القارة، ولن يتأهل لها إلا الفرق الأجدر والأكثر كفاءة، ووفق المعايير والاشتراطات الخاصة بالمسابقة، ولن يضيرها عجز فريق عن تحقيق مركز متقدم يخوله للمشاركة، ولا فشل آخر في الحصول على الرخصة التي تمكنه من ذلك، ولا من يشكك في قوة وأهمية المسابقة، وهو يتألم لعجز فريقه عن المشاركة بها، فضلاً عن الفوز بها أصلاً.
إن ما يقولونه اليوم لا يختلف عما كانوا يرددونه سنوات طوالاً، بأن البطولة عصية على الهلال، بل ويلمزونه من باب وصوله للنهائي ونصف النهائي عدة مرات دون الحصول على اللقب، وكأن المنافسة وشرف المحاولة عيب، ودون أن ينتبهوا إلى ما يعنيه التقليل من الوصول للنهائي، مقارنة بمن يخرج من الدور الأول في مشاركته المحدودة، حتى صار الوصول للدور الثاني إنجازاً يستحق الإشارة إليه لدى بعض الفرق، وقد قال المتنبي يوماً:
«وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ»
يلعب الهلال في النهائيات القارية، وفي بطولة العالم، ويحظى بالإشادة والتقدير من أعلى المستويات، وبات ما يقدمه الزعيم العالمي مضرب المثل ومحل الإعجاب ومكان الإشارة، وفي ركن قصي يجلس أحدهم محاولاً الحصول على بقعة ضوء، بالتقليل مما يفعله الهلال، فيقدم أرقاماً ومقارنات تجعله موضع السخرية حتى من أقرب الناس إليه، فقد فات حروفه القطار، فاته منذ زمن.