د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
المشهور أن الواو تُقلب ياءً إن لاقت الياء وسبقت إحداهما بالسكون، ولكن ذلك ليس على إطلاقه؛ إذ يَذكر لذلك شروطًا ناظر الجيش أحد شراح تسهيل الفوائد لابن مالك. قال «والحاصل: أن الواو تبدل ياء إذا لاقت ياء، وذلك بشروط:
الأول: أن يكون التقاؤهما في كلمة، فلو كان أحد الحرفين في كلمة، والآخر في كلمة أخرى؛ انتفى هذا الحكم نحو: يعطي واقد، ويغزو ياسر»(1). ويلحظ اختلاف الصوتين فالأول حركة طويلة (حرف مدّ) والآخِر صامت. والأولى ما مثل به ابن مالك «لأنَّ التقاءهما حينئذٍ عارض، نحو: (لَوْ يَمَّمْت) و(لَدَيْ واصل)»(2).
و»الثاني: أن يسكن السابق منهما، فلو سكن المسبوق؛ انتفى هذا الحكم أيضاً نحو: طويل وغيور»(3). والسبب في نظري كالسابق اختلاف الصوتين فالصوت الأول صامت والآخِر حركة طويلة.
و»الثالث: أن يكون السكون أصليّا، فلو كان السكون عارضا لم يؤثر نحو: قويْ مخفف قويّ»(4). والسبب في نظري كالسابق اختلاف الصوتين، فالصوت الأول صامت والآخِر حركة طويلة. والتخفيف كان بحذف الياء المشددة ومطل الكسرة السابقتها: (ق ــَــ وــِــ ي ي)) (ق ــَــ وــِــ ?)) (ق ــَــ وــِــ ــِــ)
و»الرابع: أن لا يكون الحرف السابق بدلًا من غيره بدلًا جائزًا ... وذلك نحو: روية مخفف رؤية»(5). والسبب في نظري اختلاف الصوتين فالأول حركة طويلة (حرف مدّ) والآخِر صامت. والبدل جاء من حذف الهمزة ومطل الضمة تعويضًا: (ر ــُــ ء ي ــَــ ة)) (ر ــُــ ? ي ــَــ ة)) (ر ــُــ ــُــ ي ــَــ ة).
و»الخامس: وهو ألا يكون الحرف السابق عارضا؛ فإن كان عارضا بانقلابه عن غيره كانقلاب الواو في: بويع من ألف بايع امتنع هذا الإعلال (6). والسبب في نظري اختلاف الصوتين فالأول حركة طويلة (حرف مدّ) والآخِر صامت.
ومثال «الذي يجب فيه الإعلال لاجتماع الشروط المذكورة فيه نحو: سيّد وطيّ، أصلهما: سيْود وطوْي»(7). والعلتان صوتان صامتان. ومثله «دُلَيَّة تصغير دلو»(8) والصوتان صامتان فالأصل دُلَيْوة على صيغة فُعَيْل، وأما «نحو: مرمِيّ»(9)، فهو اسم مفعول (مرموي) على (مَفْعول) بضمة طويلة وكان أصلها مركب من ضمة وواو (مفْعُوْل) (10)، فكان بذلك صوتان صامتان، فقلبت الواو ياءً وماثلت الضمة الياء فأبدلت كسرة. وكذلك «نحو: مُسلمِيّ رفعًا»(11). والقول فيها كالقول في مرميّ، فأصلها (مُسْلِمُوْن+ي) مُسْلِمُوْي) فاجتمع الصامتان الواو والياء فقلبت الواو ياءً ثم ماثلت الضمة الياء فقلبت كسرة.
والخلاصة إن كانت الصوتان الواو والياء الملتقيان صامتين ماثلت الواو الياء وأدغمت الياء في الياء ما سكن المتقدم منهما، وإن كان أحدهما مدّا لم تماثل الواو الياء.
... ... ... ... ...
(1) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5114.
(2) ابن مالك، إيجاز التعريف في علم التصريف، ص: 150.
(3) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5114.
(4) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5114.
(5) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5114.
(6) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5114.
(7) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5114.
(8) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5114.
(9) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5116.
(10) انظر: داود عبده، دراسات في علم أصوات العربية، 2/ 142.
(11) ناظر الجيش، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، 10/ 5116.