سلمان بن محمد العُمري
من مستلزمات المكاتب إلى ما قبل عشر سنوات (الروزنامة) أو (التقويم)، وإن كنت أفضل كلمة التقويم على الكلمة الفارسية "روزنامة" المركبة من كلمتين "روز" بمعنى يوم و"تامة" بمعنى كتاب.
كان التقويم يتوافر في كل مكتب ومنزل بل وحتى المساجد ففيه مواقيت الصلاة، وبالطبع أيام السنة وأوائل الشهور وما يوافقها بالتاريخ الميلادي، وفيها ملحقات بأسماء النجوم والبروج في عرف الفلكيين وما يقابلها في العرف الدارج لدى المزارعين، وفوق هذا كله كانت التقاويم تحوي مجموعة من الحكم والأمثال في كامل صفحات التقويم بل في الصفحة الأولى والخلفية الأخرى، وكانت تمتاز بانتقاء جميل من الشوارد والفرائد من الآثار والأشعار، وما يوافق بعض التواريخ من أحداث محلية وعالمية، وقبل هذا عرض لبعض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة.
واليوم ألغت أجهزة الحواسيب الصغيرة والجوالات أهمية التقويم، وجعلته أثرًا بعد عيناً إلا لدى طائفة قليلة من الناس الذين لم يتمسكوا بالتقويم فحسب بل يحافظون حتى الآن على التقاويم القديمة كأرث تاريخي وعلمي يعودون إليه لما فيه من فوائد وفرائد بين الحين والآخر.
قضت الحواسيب والجوالات على كل ما في هذه التقاويم من معلومات وفوائد فتستطيع معرفة مواقيت الصلاة، ومواعيد الإجازات، ودخول شهر رمضان والحج، وترتيب كافة المواعيد عبر هذا الجهاز المحمول، وأما المعلومات والحكم والأمثال فتجد بضغطة زر كل ما تحتاجه ليس بما في التقاويم بل بما في الكتب الكثيرة والكبيرة، وبما يوافق عصر السرعة بالبحث السريع، وهذه نعمة أنعم الله بها على الناس، والتقويم لم يعد مكتبياً فحسب بل هو بين يديك وفي كل وقت تشاهد وتطّلع.
ترى هل انتهى زمن التقويم أو الروزنامة؟ الشواهد تؤكد أنها ستكون في ذكريات الماضي مستقبلاً والدليل أن المؤسسات التجارية ومثلها العامة والحكومية كانت تقوم بطباعة التقاويم السنوية أو الموسمية في كل عام أو عند دخول شهر رمضان المبارك، واليوم لم تعد التقاويم داخله في دائرة الاهتمام والتسويق لا من المؤسسات ولا من جمهور الناس، ولكن الميزة التي كانت في التقاويم وتفتقرها في وسائل الاتصال الحديثة دقة المعلومات وحسن الانتقاء فتجد في التقاويم معلومات مؤكدة موثقة في الغالب في حين أن الجوال ووسائط التواصل تحمل ما هب ودب وبلا رقابة ولا تثبت في المعلومات، وثقافة القص واللصق أصبحت الناس تتناقل الأحاديث الموضوعة والأخبار المكذوبة والمعلومات المضروبة، والإشاعات دونما تثبت بل وتنشر كانتشار الريح بين المتلقين.
أتذكر التقويم وذكرياته والعالم العربي والإسلامي يفتقد أهم أعلام التقويم والفلك الدكتور صالح العجيري -رحمه الله، والذي كان عالمًا ونجمًا في فنه.