سمر المقرن
بكل بساطة، يسهل جداً أن يمر كُلٌ منّا بموقف الابتزاز العاطفي، الذي نراه بشكل متكرر في الشوارع وعلى إشارات المرور، بل تطول هذا بالوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي الذي أصبح ساحة خصبة للعزف على الوتر العاطفي للناس. مع هذا وذاك، هناك قنوات وتطبيقات حقيقية لمساعدة المحتاجين تمر عبر إشراف مباشر من الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، تصل فيها الصدقة أو الزكاة إلى المحتاج الحقيقي، وليس بإيلام عاطفي في الشوارع حيث تذهب إلى جهات مشبوهة بما فيها تمويل الإرهاب، وإلى أشخاص أصبح التسول مهنتهم، وكسب تعاطف الناس معزوفتهم المتقنة على أوتار القلوب.
اليوم ما نراه ونشهده ضد هذا النوع من الامتهان هو حملة حقيقية وقوية، بدأنا نلمس ثمار نتائجها بجهود وزارة الداخلية ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بعد صدور نظام مكافحة التسول الذي أقرّه مجلس الوزراء.
هذا النظام دقيق جداً ولم يترك أي ثغرة مفتوحة أمام من أراد امتهان التسول.
الآليات الذي وضعها النظام تحفظ وتراعي جميع الجوانب الأمنية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، فالفكرة ليست بقبض وزارة الداخلية على المتسول فحسب، بل إن هناك آليات إنسانية تختص بها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتأهيل هذا المتسول إلى حياة كريمة. وذلك بدراسة حالة المتسول «السعودي» الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية، ثم يلي ذلك تقديم كافة الخدمات بما فيها إرشاد المتسولين السعوديين للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية والخيرية، ولن تقف مسؤولية الوزارة إلى هذا الحد، بل تتجاوز بالمتابعة والرعاية اللاحقة لضمان عدم عودة هذا المواطن إلى امتهان التسول.
ما يهم في هذا الوارد، التأكيد على أن التسول «جريمة» وأن دعم المتسول والتعاطف معه يدخل في نفس سياق هذه الجريمة، التي تضر المجتمع والوطن.
إن هذا النظام وتطبيقه لإنهاء كافة أشكال امتهان التسول، يصب بشكل مباشر في رفع معايير جودة الحياة للفرد والمجتمع، وتحسين ظروف هذه الفئة وإخراجهم من هذه الدائرة السوداء إلى حيث الفضاء الرحب بتعزيز قيمة الإنسان والحفاظ عليه من الإهانة والتقليل. إضافة إلى ذلك تنقية الشوارع من هذا الامتهان بما يحفظ مدننا من هذه الصور السلبية والتشوه البصري، بل حتى التشوه الإنساني عندما تذهب أموال الناس إلى غير مكانها الصحيح.
في تصوري، أننا مع هذه الحملة الأمنية المشددة لمكافحة التسول سوف لن يطول الوقت لانتهاء هذه المشاهد التي تستنزف الناس مادياً وعاطفياً، بل حتى في رفع مستوى الوعي لدى المجتمع وأفراده، فهذا يضمن أن المتسول لن يجد من يتعاطف معه، وأن من يريد دفع صدقة أو زكاة ما عليه إلا التوجه إلى التطبيقات الحكومية المعتمدة أو الجهات الخيرية، وبكبسة زر تذهب الأموال إلى المحتاج الحقيقي!