مسعد اليامي - الجزيرة الثقافية:
ذكر القاص محمد مدخلي: أن وسائل التواصل أحدثت ثورة في الكتابة الأدبية وفي التلقي لها في آنٍ واحد، فعلينا أن نتفق على أن وسائل التواصل الاجتماعي، قدمت خدمات جليلة للكتابة الأدبية والثقافية فيما يتعلق بالانتشار والتواصل المباشر مع القارئ العام، وهو ما انعكس بدوره على لغة وجماليات الكتابة ويشدد على ذلك بقوله إنها السبب في أن يتعرف على مثقفين ومثقفات لم يكن يعرفهم.
* يقال: إن الكتابة تساعد على الشفاء أنت ماذا تقول؟
- إن الكتابة هي سكبٌ للذات، وإذا كانت اللغة خاصية بيولوجية.فإن الكتابة خاصية ثقافية يفرز من خلالها الكاتب مخزونه المعرفي والأدبي. يقول فيكتور هوجو «كل صخرة هي حرف وكل بحيرة هي عبارة وكل مدينة هي وقفة، فوق كل مقطع وفوق كل صفحة لي هناك دائمًا شيء من ظلال السحب أو زبد البحر».
* أنت مبحر من مدينة عرفت واشتهرت بالشعر والشعراء كيف تعرف بنفسك كسارد وكاتب قصة نبت بين جبال الفل والكادي؟
- عندما يرد اسم «جازان» يتبادر إلى الذهن أيضًا الشعر و»النثر الأدبي، وإني لأغبط نفسي كثيرًا أن أنتمي لهذه المنطقة الناطقة بالخير والحرف.
* كيف اكتشفت موهبة الكتابة القصصية عندك وكيف وضعت أقلامك على خط البداية؟
- بداياتي مثل أترابي، عندما تشعر بشيءٍ، تسارع لترجمته على الورق، كتلة من المشاعر دون ضوابط. ..كنت أشعر بأن القلم ينادمني ويلتقط الحروف ليشكل منها أبياتًا مكسرة أو خواطر عشوائية، صحيحٌ إنها كانت مجرد كلمات، لكنّي كُنتُ أراها أجنحة الحلم، ومن يومها ابتدأ حبي للكتابة.
أما على المستوى السردي، فبداية الحقيقة عام 1419 للهجرة عن زاوية أصدقاء الحرف - على ما أظن - في صحيفة عكاظ، بعناية أستاذي الفاضل عبدالمحسن يوسف.
* الموهبة وحدها تكفي أم أنها تحتاج إلى غير ذلك؟
- الموهبة وتد رئيس لأي فن.ولكن هناك عوامل لا تقل أهمية عن الموهبة.منها الشغف الذي يحول موهبتك إلى طاقة متفجرة، ومنها التدريب الذي يلعب دورًا مهمًا في شحذ موهبتكَ وثقلها، فلا تستطيع أن تحقق نجاحًا باهرًا من دون صقل.
يقول: غاندي إن الفرق بين ما نفعلهُ وبين ما يُمكن أن نفعله يكفي لحل مشاكل العالم، ويُمكن تطبيق ذلك على الحياة الشخصيّة، وذلك لأنّ الإنسان الذي يضع حدًا لما سوف يفعله يضع حدًا لما يُمكنُ فعله، لهذا فإنّ ثقتك برسالتك ستمنحك القوة للاستمرار بالعطاء والعمل.
* كم من الوقت تمضي مع خير جليس وما أهم أنواع الأدب الذي تطلع عليه؟
- في ظل تسارع نمط الحياة، أصبحنا نتلمس فسحة زمن، لتغذية الروح والقلب والعقل.
* ما الفائدة التي عادت عليك من المشاركة في المجموعات الثقافية عبر الواتس أب أو الفيس بوك وغيرها وهل ترى أنه يتوجب الاعتراف بما تقدم من معرفة تخدم المشهد الثقافي؟
- وسائل التواصل أحدثت ثورة في الكتابة الأدبية وفي التلقي لها في آنٍ واحد، فعلينا أن نتفق على أن وسائل التواصل الاجتماعي، قدمت خدمات جليلة للكتابة الأدبية والثقافية فيما يتعلق بالانتشار والتواصل المباشر مع القارئ العام، وهو ما انعكس بدوره على لغة وجماليات الكتابة، وعلى المستوى الشخصي تعلمت واستفدت الكثير تكنولوجيًا وثقافيًا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، عطفًا على أنها عرفتني بأدباء وأديبات، ما كنت لألتقي بهم وبهن دون هذه الوسائل.
* شاركت في العديد من الأمسيات عبر تطبيق زوم هل لاحظت الفرق بين ذلك التواصل والتواصل عبر المنابر الحضورية؟
- تطبيق الزوم نال نصيب الأسد من الاستخدام المتنوع في سائر الحياة الاجتماعية والعملية والثقافية، وإن ممارسة هذه الأنشطة التقنية تتطلب المزيد من المرونة النفسية والتقبُّل لها كعالم افتراضي فرض نفسه، وعندما نقارن هذا العالم الافتراضي بالعالم الحضوري الملموس، نجد أن التواصل الحيوي المباشر أكثر حميمية.
* شاركت في تحكيم بعض المسابقات القصصية ما النقاط التي تعتمد عليها كمحكم وهل ذلك بالاتفاق مع الجهة المنظمة؟
- أغلب مشاركاتي كمحكم للمسابقات القصصية، تأتي تلبية دعوة لأصحابها الذين أحسنوا الظن في شخصي المتواضع، أما بالنسبة لنقاط التحكيم على النصوص القصصية المطروحة، أراعي قدر المستطاع ضوابط وأركان القصة القصيرة والقصيرة جدًا.
* قراءتك لليوم العالمي للقصة 2021 عبر مواقع التواصل الاجتماعي من حيث المشاركة والحضور والتنوع؟
- يعد اليوم العالمي للقصة القصيرة يومًا للساردين وغير الساردين، فالقصة القصيرة تنشر الفرح وتشبع الذائقة وتبرز كل الطاقات الإبداعية لكل مبدع من خلال أسلوبه في السرد القصصي المترابط المحبوك والسهل الممتنع، وقد شاركت في هذا المحفل الجميل المبهج من خلال إحياء أمسيات قصصية ونشر نصوص قصصية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
* النقد هل هو عامل بناء أو هدم للمبدع وكيف يكون النقد بناءً ومتى يكون هادمًا ولماذا مازال الأغلب يقع في دائرة شخصنة العمل؟
- بكل تأكيد النقد الهادف البناء هو لبنة رقي للذائقة، ولكن ثمة أمور يجب على كل ناقد التحلي بها، فالناقد البناء هدفه الحقيقة المجردة من خلال تشديده على إيجابيات الفكرة وتوضيح سلبياتها، وعليه أن يرحب بجميع الآراء المطروحة ويناقشها..بينما الناقد الهدام همه أن يكسب الموقف ويثبت أنه انتصر في النهاية، فهو لا يرى في أي فكرة سوى الجانب السلبي فقط.
* ما خططك المستقبلية في كتابة القصة وهل سنشهد لك كتابًا في النقد أو عندك ميول أن تخوض بحر كتابة الرواية؟
- أغلب قراءاتي للنصوص القصصية المطروحة لا تتعدى كونها وجهات نظر تحتمل الخطأ قبل الصواب، لذا لا اعتبر نفسي ناقدًا، أما بالنسبة لكتابة الرواية، فهي كما ذكرت في السؤال، بحر تحتاج إلى نفس عميق وصقل معرفي لضوابطها قبل الخوض في عبابها.
* هل ترى أن الورش الكثيرة التي قدمت في الكتابة الإبداعية والقصصية والروائية أفرزت منتجًا أم أنها كانت رقمًا قياسيًا في الحضور؟
- إن ورش الكتابة الأدبية لها دور في صقل الموهبة واكتساب الخبرة، وإن كان البعض يعتقد أن الكتابة الإبداعية عمل فردي قائم على الموهبة الفطرية، كما توجه لها اتهامات بأنها ظاهرة تجارية غير معنية بالقيمة الأدبية، ومع ذلك فرضت هذه الورش نفسها على الساحة الإبداعية، خصوصًا في الآونة الأخيرة، بفضل بعض الكُتاب والأدباء الذين يرون أن تعلم الإبداع يفترض معرفة تقنيات وأساليب لا بد من إتقانها، إلى جانب الموهبة.
* كم ورشة حضرت وما الجديد الذي أضافتهُ لك وهل تنصح الأندية الأدبية أو المراكز الثقافية بتقديم ذلك بصورة دائمة للمواهب الجديدة والقديمة وخصوصًا أن ذلك منتهج عالميًا؟
- إن الورش ليست ظاهرة أدبية حديثة، إنما موجودة في أمريكا منذ ثلاثينات القرن الماضي، وفرضت نفسها في بريطانيا، وانتشرت أخيرًا في فرنسا، على المستوى الشخصي حضرت أكثر من ورش أدبية، أهمها ورشة تدريبية نظمها النادي الأدبي في جازان بإشراف د. حسن النعمي، كانت ناجحة جدًا، وقد قمتُ بورشة تدريبية في فن كتابة القصة القصيرة جدًا بدعوة كريمة من الأديبة القديرة فاطمة سعد الغامدي ضمن أنشطة ملتقى السرد في جمعية الثقافة والفنون بجدة، فكانت تجربة مثرية وناجحة بجميع المقاييس.
* (نحن ما نقوله، ولكن أيضًا نحن ما لا نقوله) ما رأيك بذلك وهل ينطبق على الكتابة السردية؟
- إن ما نكتبه هو جزءٌ من تركيبتنا النفسية، وإن كانت بنسب متفاوتة، يحدث أن تصادفَ سردًا، تستشف من خلاله سلوك كاتبه، وإن كان ليس بالضرورة ما نكتبه يحاكي انفعالاتنا وسلوكنا.
* القصة تطرح أو تعالج موضوعات متنوعة ما أهم الموضوعات التي تقدم من خلال القصة وفي حال قُدم لك عشرون قصة دون أسماء هل تستطيع بعد القراءة أن يكون الناتج معرفة هوية كاتب القصة؟
- يجب على الكاتب اختيار موضوع بعناية ودقة مبني على فكرة سليمة ومميزة، وقد تأتي القصة ملامسة لواقع القارئ ومن الممكن أن تكون القصة خيالية، الأهم من هذا هو الصياغة السردية الحركية المحببة للقارئ وبأسلوب فيه تشويق وإثارة، فبعض الكتاب لهم كاريزما خاصة في نصوصهم القصصية، والبعض الآخر يسعى للتجديد باستمرار.