محمد سليمان العنقري
على وقع استغلال عاطفة الناس وكرمهم يحقق المتسولون مبالغ مالية طائلة, ومع التوجه للجم هذه المهنة السلبية والخطرة اجتماعياً واقتصادياً بدأ تطبيق نظام جديد لمكافحة التسول جرم ممتهنها ووضع عقوبات صارمة عليه, بالإضافة لما تقوم به الجهات المعنية من معالجات لآثار التسول وأسبابه؛ حيث تقوم وزارة المواود البشرية والتنمية الاجتماعية بدور متعدد الجوانب بحكم مسؤوليتها واختصاصها لمعالجة ومكافحة التسول بالتعاون مع الجهات الرسمية ذات العلاقة, فهي تعد ظاهرة عالمية وقديمة ولا يوجد دولة بالعالم إلا وفيها متسولون, ومع ما يتم جمعه من أموال عبر هذا العمل السلبي والخطير بدأت تتحول لمهنة لدى أفراد وأسر بالعالم, كما تقوم به عصابات تدير شبكات للتسول في كثير من الدول, بل وقُدمت أعمال فنية بأفلام ومسلسلات عالمية وحتى عربية تكشف حقيقة هذه العصابات وأعمالها الخطيرة في بناء شبكاتها وأساليب التسول لديها واستغلالها للأطفال والنساء في البيئات الفقيرة, كما استغل بعض المتسولين التقنية الحديثة ليتسولوا من خلالها كاستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل عبر اجهزة الهاتف الجوال.
وبالعودة لنظام مكافحة التسول بالمملكة الذي صدر بقرار من مجلس الوزراء الموقر في الشهر الثاني من عام 1443 هجرية الحالي, والذي عرف التسول بأنه « من يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته نقداً أو عيناً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في الأماكن العامة أو المحال الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة، أو بأي وسيلة كانت» أما تعريف الممتهن للتسول فهو «كل من قبض عليه للمرة الثانية أو أكثر يمارس التسول « فالنظام اشتمل على العديد من المواد التي تجرم وتعاقب من امتهن التسول أو ساهم بأي صورة كانت على امتهان التسول كالتحريض والمساعدة بالسجن مدة لا تزيد على ستةأشهر, أوبغرامة لاتزيد على خمسين ألف ريال أوبهما معاً, كما يعاقب كل من امتهن التسول أو أدار متسولين بأي صوره كانت ضمن جماعة منظمة تمتهن التسول بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد عن مائة الف ريال, بالإضافة لعقوبات تصل لإبعاد المتسولين غير السعوديين عن المملكة ومنعهم من القدوم لها إلا لأداء مناسك الحج والعمرة ويستثنى من الإبعاد زوجة السعودي وزوج السعودية وأبناؤها ، فالتسول حسب النظام محظور وممنوع بكافة أشكاله ومسوغاته وتتولى وزارة الداخلية القبض على المتسولين.
أما فيما يخص معالجة أسباب وآثار هذه الظاهرة فتقوم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بتصحيح أوضاع المتسولين السعوديين من خلال دراسة حالتهم الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية وتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية له وذلك وفق احتياجات كل حالة ضمن إطار الأنظمة والقرارات التي وضعت لمعالجة أوضاعهم كما يتم إرشادهم للخدمات العديدة التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية لمساعدة المحتاجين بالحصول على ما يعينهم لحياة كريمة تحفظ كرامتهم وتمنع عنهم أضرار ومخاطر التسول الاجتماعية والصحية وغيرها من الآثار الضارة التي تمتد لسنوات طويلة ولها تأثير سلبي على كافة أفراد الأسرة.
فالتسول له أخطار متعددة كحطر الحوادث لمن ينتشرون في الطرقات بالإضافة لكونه يولد بيئة خصبة للانحراف ضمن هذه الأسر وكذلك يولد أمراضاً نفسية خصوصاً لدى الأطفال الذين يجبرون على التسول من قبل تلك الأسر التي تمتهن التسول بدلاً من أن يكونوا على مقاعد الدراسة.
فللتسول أنواع عديدة منه المعلن أو المباشر أي الطلب من المتسول للناس بمساعدته مباشرة وكذلك التسول المقنع أو تحت غطاء إما البيع عند إشارات المرور لبعض السلع الخفيفة أو تنظيف السيارات وكذلك عند الأسواق, وهناك التسول الموسمي الذي ينشط في فترات معينة في السنة مثل شهر رمضان حيث يحاول المتسولون استغلال رغبة الناس بدفع التبرعات والصدقات, بالإضافة للتسول القسري والذي تمتهنه بعض الأسر والعصابات بدفع النساء او الأطفال للتسول.
مما لا شك فيه إنها ظاهرة سلبية وخطيرة وأضرارها تنعكس على المجتمع عموماً فهي تمثل مظهراً غير لائق للمدن المتطورة وتؤثر على سمعة السياحة بها وهي تمثل أيضاً نزفاً اقتصادياً خصوصاً من المتسولين غير السعوديين من المتسللين أو المخالفين لنظام الإقامة, فقبل سبعة أعوام تم القبض على وافد بحوزته 11 ألف ريال جمعها بيوم واحد من جلوسه عند أحد المستشفيات بإحدي المدن الكبيرة كما نشرت دراسات سابقة قبل حوالي عشرة أعوام قدرت دخل حوالي 20 ألف متسول في حينها بحوالي 6 ملايين ريال شهرياً ورغم صعوبة تقدير ما قد يحصل عليه المتسولون من أموال إلا أنها تقدر بأرقام كبيرة نسبياً بخلاف الآثار الأكثر خطورة المتمثلة بالشق الاجتماعي لها وكذلك الصحي والنفسي, ولذلك جاء هذا النظام الذي دخل حيز التنفيذ قبل فترة ليعالج هذه الظاهرة ويحد منها ولابد من تكاتف المجتمع لمكافحة التسول عبر اتباع كافة الوسائل الإرشادية والتوعوية الصادرة عن الجهات الحكومية المعنية والتعاون معها.