د.شامان حامد
هكذا شرع الله - عز وجل - الأعياد حتى يحتفل بها المسلمون ويشعرون بشيء من البهجة والسعادة فرصة لا تدانيها فُرصة لكي يستثمرها الناس بعد شهر رمضان المبارك وفيه يحتفل المسلمون بأن الله سبحانه وتعالى قد قدرهم على إتمام طاعات هذا الشهر الكريم من صيام وقيام ليل وزكاة وصلاة وإخراج الصدقات وصلة رحم، وكلها طاعات تقرب العبد من ربه وفرصة عظيمة لإصلاح ذات البين وإزالة ما زرعه الشيطان في قلوب المتخاصمين والمتنازعين من حواجز البغضاء والفتن بمبادلة الزيارة والمعايدة والتهنئة وغيرها من مظاهر الفرحة أولاها بر الوالدين وصلة الأرحام وإكرام الجار، وكيف يصح لنا عيد دونهم، مع الاعتذار للمتنبي، في بيته:
(عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ)
فالعيد بعد انقطاع عامين بإجراءات التباعد الجسدي التي توجبها الجهات المُختصة استجابة لدواعي المحافظة على الصحة، وهذا واجب شرعي ومطلب وطني، تم الفوز ولله الحمد على الوباء وأغلال القيود كافة بمنتصف رمضان الحالي، حيث منّ الله تعالى علينا بقيادة حكيمة وحكومة رشيدة، زينوا أفراحنا بجمال هذا الدين وبما وعد الله تعالى المؤمنين بالحياة الطيبة مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ، ومهما كانت الظروف صعبة فلا بد من الفرحة، تحقيقاً لشعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، إنه العيد السعيد الذي جاء بعد عبادة فيها مشقة ومتعة، وكمالها في معاشها ومعادها، بل لا سرور لها ولا فرح ولا لذة ولا نعيم في الحقيقة إلا بذلك.
بعدما مللنا عامين «أعياد زمن كورونا»، وكأننا نتأمل أحوال من يتجرعون كأس الغربة عن الأهل والأصدقاء والأحبة، فللغربة سياط تلهب القلب، بل إنها سياط تفوق آلامها تلك السياط التي تنهال على الجسد، فلنتراحم بهم ونودهم ونُباعد عن قلوبهم مرارة البعاد، بعدما غنمنا طاعة الرحمن في رمضانه، لكننا هل سنحتفل بالعيد؟! الجواب حتماً أجل، لكن بعقلانية نستشعر بها نعماً كانت بين أيدينا لم نعرف قدرها إلا عندما منعها الله عنا، وقد انكشفت تلك الغُمة، ليأتي عيدنا بفرحة جديدة، وسنحتفل، وسنلتقي، وسنفرح معاً، وعندما نتذكر «عيد زمن كورونا» فسنضحك، لنحمد الله، فدعونا نحتفل بالعيد مع أبنائنا، نزين منازلنا، ونمد موائد الحلويات والأطعمة اللذيذة، ونملأ منازلنا بهدايا يفرح بها أبناؤنا والفقراء والأيتام ونفرح معهم، دعونا نلعب، ونتسابق، ونتنافس، فنزداد قرباً من الله، بعدما شُغلنا بنظام حياة جديد «كورونا» أبعدتنا وأغلقت في وجوهنا السرور، فدمتم مسلمين وعرباً وأبناء قوم سالمين، وكل عيد وأنتم بخير.