جابر بن محمد مدخلي
فيلم حكاية روشان سعى جاهدًا لاستعادة الزمن الماضي بأثر رجعي. يظهر في بداية هذا الفيلم الوثائقي الثقافي رجل أشيب اسمه سالم غنيم وهو يعانق الروشان بنظراته التي سترى فيها التحام الجهات الأربع عبر إحدى نوافذ رواشنه التي صنعها طوال عقود اهتمامه بهذه الزخرفة الإسلامية الأزلية التي نمت منذ أكثر من ألف عام.
حكاية الروشان أخرجه المبدع الأستاذ عبدالمجيد الحربي وأنتجته شركة كام ستيج والحائز على النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية الـ7 كأفضل فيلم وثائقي.
والمُشاهِد لهذا الفيلم سيقتنع بأنّ حركة الزمن توقفت عند تلك الرواشين –النوافذ- العتيقة، واللوحات الخشبية التي أبرمت مع التاريخ علاقة وطيدة وصارت جزءًا من دراساته، ودلالاته بعدما كانت مجرد متنفس لمن هم خلفها من سكّان، وزائرين وضيوف.
كان يظهر العم سالم غنيم في جميع مقاطع الفيلم مرةً يزفر بدخانه عبق الأزمنة، وأخرى يصرخ عبر مطرقته بطرقات هامّة كانت تعشقها الأجيال، وتُدفع من أجلها الأموال، وتتزاحم حول ما تصنعه من الرواشن المزخرفة الأدوار: صغار، وكبار، عزّاب، وعِرسان.
في آخر الفيلم ستحمل معك صورًا متحركةً وثابتةً، ولوحات لم يُشِر لها الكاتب ولا المخرج، ولا البطل العم سالم غنيم وإنما سترسمها وحيدًا بعدما تقف متقطب الجبين على فوات ثروة حضارية حفرها الإنسان على سطوحٍ خشبيةٍ تقاوم التآكل، وتصادم أرضة ودواب الأرض، وتهزم عوامل التعرية. فيلم يحملك لتفاصيل لن تبلغها إلا عبر الرواشين.