«الجزيرة» - الثقافية:
الكل يعرف الأبعاد الخطيرة التي يمكن أن تتركها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فكانت ردة الفعل من قبل الغرب التي ترى في أوكرانيا جزءًا لا يتجزأ منها، لترى في هذه الحرب حربًا قاسية وعبثية وغير منطقية، فشملت الحملة الغربية إقصاء كل ما هو روسي، حتى الحيوانات أعزكم الله شملتها هذه الحملة، ولكن يبقى السؤال المهم في هذا الميدان: هل تشمل هذه العداوة بين الروس والغرب إقصاء الأدباء الروس من مناهج الجامعات الغربية وجامعات الولايات المتحدة الأمريكية؟
بالفعل هذا ما كان حيث أقصت إيطاليا الأدب الروسي!
وفي خضم حزمة العقوبات التي يشنّها المعسكر الغربي ضد روسيا لم يفلت الأدب من دفع قبضة السياسة، حيث أعلنت جامعة بيكوكا الإيطالية عن إلغاء تدريس الأديب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي مبررة ذلك برغبتها في تجنب إثارة الجدل في إيطاليا، في خضم التوتر الشديد، ولكنها تراجعت عن هذا القرار بعد موجة عارمة من الاحتجاج والانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وتنديد البروفيسور الإيطالي باولو نوري الذي أدان قرار الجامعة معتبرا إياه شكلا من أشكال الرقابة وتقييد الحريات، وأن هذا القرار غير مبرر عقلانيًا وأدبيًا، وتشير صحيفة المغرب أن إيطاليا التي سعت اليوم إلى إلغاء تدريس أدب دوستويفسكي في جامعاتها وكانت قد أقامت تمثالا للأديب نفسه في أواخر سنة 2021 في مدينة فلورنسا الإيطالية، وبمناسبة رفع الستار عن هذا النصب التذكاري لدوستويفسكي في إيطاليا، قال السفير الروسي لدى إيطاليا، سيرغي رازوف: «لم يتم اختيار موقع نصب التمثال في إيطاليا من قبيل الصدفة. فقد عاش الكاتب في فلورنسا في أغسطس 1862 وفي الفترة ما بين ديسمبر عام 1868 وأوت عام 1869. وانبهر الكاتب الكلاسيكي الروسي العظيم بإيطاليا وعلى وجه الخصوص بعاصمة منطقة توسكانا التي زارها في جانفي 1869 لينهي هنا إحدى أشهر رواياته «الأبله»، وبتوقيع النحات الروسي أيدين زينالوف تم نحت التمثال البرونزي للكاتب فيودور دوستويفسكي في فلورنسا في ارتفاع التمثال مع قاعدته نحو 3 أمتار حيث يقف الكاتب وبيده رواية «الأبله»، وعند قدميه أغلال مكسورة، إن آثار ودوستويفسكي وتولستوي وتشيخوف التي ترجمت إلى جل لغات العالم لا تزال إلى اليوم تزيل لعاب أبرز الروائيين وأكبر المسرحيين وأشهر المخرجين في العالم. وأبدا لن تستطيع دبابات الحرب أن تسقط عمالقة الأدب الروسي الذين سيطروا على الغرب والشرق بفضل سحر أقلامهم وليس سطوة أسلحتهم! في 11 نوفمبر 1821 ولد يودور دوستويفسكي، وبدأ بالكتابة في العشرينيّات من عُمره، وروايته الأولى المساكين نُشِرت عام 1846 بعمر الـ25، أكثر أعماله شُهرة هي الأخوة كارامازوف، والجريمة والعقاب، والأبله، والشياطين، وأعمالُه الكامِلة تضم 11 رواية طويلة، و3 روايات قصيرة، و17 قصة قصيرة، وعدداً من الأعمال والمقالات الأخرى، العديدُ من النُقّاد اعتبروه أحد أعظم النفسانيين في الأدب العالمي حول العالم، ترك المدرسة والتحق بمعهد الهندسة العسكرية، كان يُترجم كتباً فيذلك الوقت أيضاً ليكون كدخلٍ إضافي له، أُلقي القبض عليه عام 1849 لانتمائه لرابطة بيتراشيفسكي وهي مجموعةٌ أدبية سريّة، حُكِم عليه بالإعدام، ولكن خُفف الحُكم في اللحظات الأخيرة من تنفيذه، فقضى 4 سنوات في الأعمال الشاقّة تلاها 6 سنوات من الخدمة العسكرية، و يعكس هذا التصرف عمق الأزمة الروسية الأوكرانية وأنها يمكن أن تمتد إلى أبعد من ذلك، ليبقى السؤال المهم في هذا الميدان هل يتوسع العداء مع الروس ليستبعد الأدب الروسي من التدريس في الجامعات العالمية الغربية والأمريكية!؟