الدمام - خاص بـ«الجزيرة»:
تعجب متخصص في العلوم الشرعية من صفة العبوس والتجهم الملازمة لدى بعض الناس حيث إن تلك السلوكيات المشينة تصحبهم في المجالس والاجتماعات حتى في أفراحهم -مع الأسف الشديد-، وهذا مخالف للمنهج النبوي «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، مشيراً إلى أن أعياد المسلمين فرصة سانحة للمتجهمين العابسين أعداء الفرح والسرور لتغيير هذا السلوك المشين.
وأوضح فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد سليمان اللحيدان المدير العام لفرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية سابقاً أن الناس في فرحة العيد على أقسام: فمنهم من يفرح بطراً، ومنهم من يفرح حقاً، ومنهم من لا يفرح مطلقاً، ولو وعى كل من «الفارح بطراً» و»عدم مظهر الفرح» سبب فرح «من فرح حقاً»، لما وسع الفطناء منهم سوى مشاركته بحق فرحته الحق، ولعل من يظهر الفرح ولو بطراً معه حق في سبب فرحه وإنما الخلل وجد في طريقة تعبيره عن فرحه فحسب، ولكن الذي حاله تستدعي العجب العجاب من تراه متجهماً في يوم عيد، وكأن لسان حاله يعكسه مقال لسانه بتساؤله المفترض: لماذا نفرح، وما الموجب للفرح، وهل من مشجع على الفرح؟ ويسرد لك ما يضيق به صدرك وتكاد أن تصحبه في رحلة الكآبة والحزن لتكون أشد عداوة للفرح والفرحين وصديقاً للمحزونين المكتئبين! ولكن.. تتداركك رحمة ربك.
وأضاف اللحيدان في حديثه قائلاً: نعم، فإنما يفرح المسلم بحق يوم العيد لسبب مفرح، أي والله! وإذ إن هذا المحزون لو كلِّف بعمل فأنجزه لفرح بإنجازه، ولو مر على ذهنه ما سيناله من عطاء ومكافأة لزاد فرحه أليس كذلك؟ فيا هذا ألا تعلم لماذا نفرح، والله إن سبب فرحنا أجلُّ وأعظم، إننا نفرح نفرح لأننا أنجزنا عهداً لنا مع ربنا بأداء فريضة صيام أو فريضة حج، نفرح نفرح لأننا سننال من ربنا رضاه ومثوبة خير من عنده، فأينا أحق بالفرح!؟ وأما كيف نختلف مع المفرط بالتعبير عن الفرح فالمحدد لنا بذلك هو قول الحق تبارك وتعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ} فمظاهر الفرح الحق هي المظاهر المشروعة أي التي ليس فيها مخالفة شرعية، وأما سوى ذلك فإنها تجعل الفرح بطراً وتنعكس بسوء على صاحبها في هذه الدنيا أو في الآخرة.
وأبان الشيخ عبدالله اللحيدان أن أول مظهر أمرنا به من مظاهر الفرح المشروعة التكبير ففي عيد الفطر قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وفي عيد الأضحى قال تعالى: {لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ}. ومن المظاهر المشروعة الاغتسال للعيد، ولبس الثوب الحسن والطيب الحسن والتجمل الحلال المظهر للفرح، وكذا الترويح المباح للنفس والأهل وتبادل الهدايا والزيارات وصلة الأرحام كل ذلك من الفرح المسموح وفي الشرع فسحة، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقم وأظهر فرحك بما تأمل أن يكون لك عند الله، كن صديقاً للفرح محسناً الظن بربك ومولاك والله لا يضيع أجر المحسنين، وكل العمر وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.